البازار العالمي العظيم

نيويورك – انا اعيش في نفس الشقه في مدينة نيويورك منذ 40 سنة تقريبا ولكنني في الواقع عشت فيها فعليا لاقل من نصف تلك المده وذلك بسبب برنامج سفري المزدحم . انا استمتع بذلك فتجاربي بالخارج علمتني اهمية ان يكون لدي عقل متفتح واعطتني الرغبه بأن احيد عن الطرق المألوفه ليس فقط من اجل ان تبقى حياتي ممتعه ولكن ايضا حتى افهم مغزى حقيقة ان الاشياء لا تبدو متشابهه عندما يتم النظر اليها من زوايا مختلفه.

ان اهم الدروس عادة ما نجدها في الامور العاديه وهي جوانب الحياه اليوميه التي يعتبرها الناس لمحليون من المسلمات بينما عادة ما يغفلها السياح فعلى سبيل المثال عندما كنت في فندق وسترن في كوريا الجنوبيه كان هناك رسم تخطيطي بجانب المرحاض وذلك لتوضيح كيفيه استخدامه بالطريقه الصحيحه وهذه الطريقه تتمثل في الجلوس على مقعد المرحاض بدلا من جلوس القرفصاء عليه كما هو الحال في المراحيض الكوريه الجنوبيه التقليديه.

في سنة 1989 وخلال رحلة لاستونيا والتي كانت في تلك الفترة ما تزال جزءا من الاتحاد السوفياتي سالت مترجمتي والتي تعمل كذلك كطبيبة اسنان ان تاخذني لعيادة الاسنان الخاصة بها وبعد ان نظرت الى معداتها وهي معدات قديمه ذات لون اخضر بائس علمت ان مترجمتي وزملائها كانوا يدعمون رواتبهم الحكوميه بدفعات مباشرة (واعلى كثيرا) من السياح الفلندنيين الذين يزورون استونيا لمعالجة اسنانهم ولقد قالوا لي انهم عندما يقومون بتوفير مبالغ كافيه يقومون بشراء معدات جديده من اجل فتح عيادات خاصة بهم .

لقد شرحت لي مرشدتي والتي هي ايضا طبيبة اسنان ان عملها يتضمن كذلك التثقيف الصحي اي زيارة المدارس المحليه من اجل تعليم الاطفال كيف ينظفون اسنانهم ولكنها لاحظت ان العديد من الاطفال لا يملكون المال الكافي من اجل شراء فرشاة الاسنان فلم يكن لدي اية فكرة ان علبة خيوط تنظيف الاسنان في جيبي والتي قمت بتسليمها بسرعه كانت قيمة للغاية .

في نفس الفترة تقريبا وعندما كنت جالسه في مكتب حكومي في موسكو ، اكتسبت معلومة صغيرة ولكنها مهمه في الوقت نفسه فعندما رن الهاتف لم يتحرك احد وهي ردة فعل تثير اعصاب اي امريكي نظرا لان اي اتصال هاتفي يستوجب ردة فعل فوريه وذلك توقعا لفرصة ما وعندما سألت عن الموضوع ،قام الموظفون بشرح ما كان واضحا بالنسبة لهم " الناس يتصلون بالمكاتب فقط عندما تكون هناك مشاكل ". لقد كان من الواضح انه بالنسبة لهم حل المشاكل لم يكن جزءا من عملهم .

لقد كانت فترة اواخر الشيوعيه فترة غريبه حقا فلقد اخبرني صديق مجري والذي عمل في فندق في بودابست خلال تلك الفترة عن امر حدث له وكان مفاجئا بحق فعندما تم الطلب منه ان يأخذ عدة زجاجات من الماء الى غرفه لم يكن يعرف في السابق انها موجودة ،وجد مجموعة من الرجال يضعون سماعات ويتصنتون على ماذا يحدث في الغرف الاخرى.

Secure your copy of PS Quarterly: The Year Ahead 2025
PS_YA25-Onsite_1333x1000

Secure your copy of PS Quarterly: The Year Ahead 2025

Our annual flagship magazine, PS Quarterly: The Year Ahead 2025, has arrived. To gain digital access to all of the magazine’s content, and receive your print copy, subscribe to PS Digital Plus now.

Subscribe Now

وفي سنة 2008 قضيت اجازة عطلة نهاية الاسبوع في باكو –اذربيجان وهي مسقط رأس صديقتي ورفيقتي في السفر تاتيانا كانزفالي وهي بطلة شطرنج سابقه علما انها كانت عادة ما تلعب ضد جاري كاسباروف والذي نشأ وترعرع في نفس المدينه . لقد كانت فرصة رؤية المدينه من خلال اعين محليه وسماع قصص عن كل شيء – قصص عن مدرسي المدارس الثانوية الى قصص عن نقص الغذاء- فرصة قيمه للغايه.

لقد اعتقدت ان كلمة الييف تعني شارع لان اسم الييف كان يظهر على كل شارع ولكني علمت ان الييف هو اسم الحاكم حيدر الييف والذي خلفه في الحكم ابنه الهام سنة 2003 حيث ما يزال في الحكم حتى يومنا هذا.

خلال زيارتنا قمت انا وصديقتي بزيارة دار للايتام والتي ارسلت لها صديقتي دزينه من اجهزة الحاسوب في العام السابق والبعض تم توزيعه على موظفي الادارة ولكن البعض الاخر متوفر الان للاطفال من اجل استخدامه خلال الدروس التي تجري تحت اشراف المدرسين. انا اتذكر بوضوح سعادة الاطفال وهم يركضون في الساحه وهم يلعبون باقلام نفخ الفقاعات والتي احضرناها لهم .

واخيرا وقبل سنتين في كوبا وبعد ان اعلنا عن حاجتنا " لرواد اعمال " مستخدمين تويتر ، اتيحت لي فرصة لقاء العديد من المنشقين . لقد كان الاجتماع مذهلا بالرغم من وجود رجلين على الطاولة المجاورة لنا كانا يسترقان النظر الينا من خلف الجرائد التي كانوا يتظاهرون بقراءتها .

لكن السعي للمعرفة هو شيء مفيد ليس فقط في البلدان الاجنبيه فمن المهم للغاية اكتساب المعرفة فيما يتعلق بالاختلافات والتشابه بين اناس ينتمون الى خلفيات مختلفة حتى اولئك الذين يفصل بينهم عدة اميال او عدة بلدات فقط.

انا آمل ان اتبنى هذا النهج خلال اسفاري داخل الولايات المتحدة الامريكية من اجل مسابقة الطريق الى ويلفيل وهي مسابقة سوف تشترك فيها خمسة مجتمعات محلية من اجل تحسين صحتهم. لقد قمت بصحبة ريك براش الرئيس التنفيذي للمسابقة بزيارة عددا من المجتمعات المحلية ( 10-15 مجتمع محلي) والتي سوف نقوم باستكشافها قبل ان نختار المتسابقين الخمسه.

لقد توقفنا في لانكستر ، بنسلفانيا حيث التقينا بمجموعة من المواطنين المهتمين بالشؤون الصحيه والمدنيه في احد المدارس. لقد وصف المعلمون تجربة الطلب من المطاعم عند الذهاب اليها لتناول وجبه ما ان تضع لك بقايا وجبتك في كيس وذلك من اجل تثقيف الطلاب عن طريق زرع فكرة انه من الافضل الاستمتاع ببقايا الطعام في وقت لاحق بدلا من الافراط في تناول الطعام الان. ( وخبرتي القائمه على عملي في السيليكون فالي تخبرني ان بامكان المطاعم زيادة دخلها عن طريق وضع اعلانات على اكياس بقايا الطعام التي يأخذها الزبون ).

وفي شلالات نياجرا ، نيويورك التقيت بمجموعة اكبر بما في ذلك العمده بول دايستر والذي قام في العام الماضي برعاية اول زواج للمثليين في الولايه كما التقيت بكاهن حضر حفل الزواج نفسه وهو يحمل اشارة احتجاج وبالرغم من خلافاتهما حضر الاثنان الاجتماع من اجل مناقشة صحة المجتمع بشكل ودي وبناء.

لكن الكاهن عبر عن بعض الاحباط من كيفية تعامل الشرطة في الاحياء السكنيه وبعد ساعتين من كلامه واثناء قيادتنا للسيارة لزيارة احد المواقع تم اعتراض طريقنا من قبل سيارتين للشرطة في منتصف الشارع وكان الشرطيان يتجاذبان اطراف الحديث وانا اشك انهما كانا يتناقشان عن صحتهما او صحة مجتمعهما.

https://prosyn.org/Ma1xhcXar