بوجوتا ــ كانت مؤتمرات الأمم المتحدة التي تتناول تمويل جهود التنمية مناسبات رائعة لبناء الإجماع حول قضايا التمويل العالمي. وسوف يواصل الاجتماع المقبل، المقرر انعقاده في منتصف عام 2025 في إسبانيا، التقدم الذي جرى إحرازه سابقا في مونتيري (2002) والدوحة (2008) وأديس أبابا (2015)، وتجري الاستعدادات الآن بالفعل مع إطلاق وثيقتين مرجعيتين رئيسيتين. وفي حين ستكون "مسودة الوثيقة" الأساس للمفاوضات، فسوف ينظر المندوبون أيضا في مجموعة من المقترحات التي قدمتها لجنة خبراء دولية كان لي شرف تنسيقها. يعكس الأمران الطموح إلى البناء على خطة عمل أديس أبابا.
يتلخص الهدف الرئيسي من هذه العملية في دعم استراتيجيات النمو في البلدان النامية. وقد شددت لجنة الخبراء على ضرورة استعادة وتعزيز الدور التحويلي الذي تضطلع به الدولة، وهي تصورها على أنها محرك رئيسي للتنمية والتحول البنيوي. وهذا يعني التأكيد على نوعية وكمية الموارد المحشودة، والاستعاضة عن أجندة تركز على المشاريع القصيرة الأجل بأخرى موجهة نحو أهداف طويلة الأجل محددة بشكل جماعي. وتستدعي كل مهمة تعزيز النظام المتعدد الأطراف المستضعف حاليا وإنشاء منصات إقليمية جديدة.
تتمثل مشكلة حاسمة هنا في مديونية القطاع العام المفرطة التي تؤثر على ما يقرب من ثلث البلدان النامية، في حين تواجه بلدان أخرى عديدة مستويات ديون وتكاليف فائدة مرتفعة. تنبع هذه المشكلة من الاختلالات المالية الكبيرة أثناء جائحة كوفيد-19 وارتفاع أسعار الفائدة في السنوات الأخيرة. وتتطلب معالجتها أداة طموحة لإعادة التفاوض في الأمد القريب، والتي يمكن أن تستند إلى إطار مجموعة العشرين المشترك لعام 2020 لمعاملات الديون. ومع ذلك، يجب أن تكون عملية إعادة التفاوض هذه المرة أسرع، ومن الأهمية بمكان توسيع نطاق الوصول ليشمل البلدان المتوسطة الدخل. في الأمد البعيد، نحتاج إلى آلية دائمة لإعادة هيكلة الديون السيادية، والتي يمكن أن يكون مقرها إما في الأمم المتحدة أو صندوق النقد الدولي، شريطة أن تظل في الحالة الأخيرة مستقلة عن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي.
من الأهداف العاجلة الأخرى إعادة تنشيط تمويل التنمية. فنحن في احتياج إلى ما يقدر بنحو 4 تريليونات دولار إضافية سنويا لتمويل أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ويتطلب حشد هذه الموارد تكريس مساعدات التنمية الرسمية على النطاق الذي التزمت به البلدان المرتفعة الدخل قبل عقود مضت: "0.7% من الدخل الوطني الإجمالي للبلدان النامية و0.15-0.20% من الدخل الوطني الإجمالي للبلدان الأقل نموا". وقد فشلت معظم البلدان المتقدمة في تحقيق هذه الأهداف، وفي السنوات الأخيرة، انخفضت فعليا الأموال الموجهة إلى البلدان المنخفضة الدخل.
تتمثل أولوية ثانية في هذا المجال في زيادة التمويل المتاح من جانب بنوك التنمية المتعددة الأطراف ودعم توسيع أنشطة بنوك التنمية الوطنية (أو إنشاء مثل هذه المؤسسات في البلدان النامية التي تفتقر إليها). ويجب أن تشمل هذه الجهود تقديم مزيد من التمويل بالعملات المحلية للتخفيف من مخاطر تصاعد الديون بسبب خفض أسعار الصرف، ودعم تطوير أسواق السندات المحلية في هذه البلدان. وإلى جانب الإقراض التقليدي، ينبغي لهذه المؤسسات أيضا دعم جهود البلدان النامية لتوفير المنافع العامة الدولية مثل التأهب للجوائح الـمَـرَضية والوقاية منها، والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، وحماية التنوع البيولوجي.
إن زيادة التمويل المستدام بيئيا أمر بالغ الأهمية. وفي حين وافقت مؤتمرات الأطراف الأخيرة بشأن تغير المناخ والتنوع البيولوجي على زيادة التمويل، فإن أهدافها لا تزال غير كافية. وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص الآن مع تزايد خسائر التنوع البيولوجي وتجاوز الانحباس الحراري الكوكبي بالفعل عتبة 1.5 درجة مئوية التي حددتها اتفاقية باريس للمناخ. في هذه المجالات، وفي تمويل التنمية في عموم الأمر، ينبغي حشد قدر أكبر من المشاركة من جانب القطاع الخاص في هذه المجالات، وفي تمويل التنمية بشكل عام، بمساعدة ائتمانات للاستثمارات البيئية أو الآليات التكميلية مثل ضمانات القروض من بنوك التنمية.
Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.
Subscribe Now
يشكل بناء قواعد ضريبية تصاعدية ملائمة وكافية ضرورة أساسية أيضا. فنحن في احتياج إلى منع الشركات المتعددة الجنسيات من تحويل أرباحها إلى مناطق الاختصاص حيث الضرائب المنخفضة والملاذات الضريبية، وضمان دفع الضرائب الكافية من جانب الأثرياء. يتطلب أول هذه الأهداف اعتماد مبدأ "الوجود الاقتصادي الكبير"، والذي بموجبه تدفع الشركات المتعددة الجنسيات حصة عادلة من الضرائب في كل البلدان حيث تزاول أعمالها، بما في ذلك من خلال الخدمات العابرة للحدود. أما في التعامل مع الأفراد من الأغنياء، فإن وجود سجل عالمي للأصول على أساس الملكية النافعة يشكل ضرورة أساسية.
الواقع أن اتفاقية الأمم المتحدة الضريبية التي يجري التفاوض بشأنها حاليا من الممكن أن تعزز التعاون الدولي الذي تحتاج إليه هذه الجهود. لكننا سنحتاج أيضا إلى مؤسسة تنسيقية، والتي يمكن إنشاؤها من خلال تحويل لجنة الخبراء الحالية التابعة للأمم المتحدة إلى جهاز حكومي دولي.
لدعم البلدان النامية، ينبغي تحسين التسهيلات الائتمانية التي يقدمها صندوق النقد الدولي، ومراجعة شروطها. لكننا نحتاج أيضا إلى أداتين جديدتين للصندوق: مرفق دولي للمقايضة وصندوق قادر على التدخل في الأسواق الدولية التي تتداول سندات البلدان الناشئة والنامية خلال فترات الهبوط. وينبغي استكمال هذه التغييرات بإصدار حقوق السحب الخاصة (حقوق السحب الخاصة الأصول الاحتياطية التي يصدرها صندوق النقد الدولي) بشكل أكثر تواترا وفي توقيت استراتيجي مناسب، مع تدفق الأموال إلى آليات مختلفة (بما في ذلك تلك داخل بنوك التنمية المتعددة الأطراف) لتمويل الأهداف الإنمائية أو البيئية مع الحفاظ على طابعها كأصول احتياطية.
من الناحية المؤسسية، تتمثل الأولوية الأكثر إلحاحا في تعزيز الترتيبات النقدية الإقليمية في العالم النامي. ويأمل المرء أن يؤدي هذا إلى نشوء نظام أكثر كثافة من المؤسسات العالمية والإقليمية، على غرار ما نجده في بنوك التنمية المتعددة الأطراف.
في مجال التجارة، تتمثل القضايا الحاسمة في الحاجة إلى التمسك بالالتزامات الجمركية القائمة في إطار منظمة التجارة العالمية، والتفاوض على اتفاق جديد لوضع حدود للسياسات الصناعية، ولكن مع معاملة خاصة وتفضيلية للبلدان النامية. من الأهمية بمكان أيضا إدراج استثناءات لحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتكنولوجيات الصحية والبيئية. ولضمان العدالة في عمل أسواق السلع الأساسية، يتعين علينا أن نشجع زيادة استخدام المخزونات الاحتياطية الدولية والوطنية.
مسألة واحدة لم تتطرق إليها مؤتمرات تمويل التنمية السابقة، هي مسألة التنظيم المالي الدولي. ومع ذلك، تنتمي مسائل مهمة عديدة إلى جدول أعمال هذا العام، بما في ذلك كيفية تصميم أو تعزيز تنظيم الأصول المالية الرقمية، ووكالات التصنيف الائتماني الدولية، وأسواق السلع الآجلة الدولية. ومن المستحسن أيضا إبرام اتفاقية استثمار عالمية جديدة، وينبغي إعادة النظر في اتفاقيات حماية الاستثمار القائمة لتجنب المطالبات ضد الفقرات الوطنية التي تحمي المعايير الاجتماعية والبيئية.
أخيرا، تستأهل إصلاحات مؤسسية عديدة الاهتمام. فبالإضافة إلى إنشاء مؤسسات ملائمة لإدارة إعادة التفاوض على الديون السيادية، والإشراف على التعاون الضريبي الدولي، وتعزيز التعاون المالي الدولي، يتعين على العالم أن يستجيب للمطلب الذي دأب العالم النامي لفترة طويلة على المناداة به، بالحصول على "صوت ومشاركة" أكبر في مؤسسات بريتون وودز. وهذا يعني إنشاء عملية توزيع عادلة لحصص رأس المال، وزيادة الأصوات الأساسية لصالح هذه الدول، وإنشاء عمليات أكثر انفتاحا وشمولا لاختيار قيادات كل هيئة.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
Without a robust regulatory framework that incentivizes stablecoin issuers to register in the United States, stablecoin activity will migrate to countries with weaker rules, increasing the likelihood of financial instability. Fortunately, the US can still head off these risks and reap the technology’s benefits.
explains why lawmakers need to move quickly to establish US leadership in digital assets and payments.
Under US President Donald Trump’s erratic rule, the United States is now exhibiting all the symptoms, from high import tariffs and fiscal deficits, to oligarchy and flagrant corruption. Worse, the fallout cannot be confined to the US, and no multilateral bailout or structural adjustment plan can mitigate the damage.
lists the symptoms, from tariffs and massive public debt, to oligarchy and flagrant conflicts of interest.
Within its first two months, President Donald Trump’s second administration has attacked US institutions, alienated trade partners and allies, decimated consumer and investor confidence, and sent the stock market plummeting. Can the dollar’s status as the world’s leading reserve currency – and the extraordinary advantages this affords the US economy – withstand the onslaught?
بوجوتا ــ كانت مؤتمرات الأمم المتحدة التي تتناول تمويل جهود التنمية مناسبات رائعة لبناء الإجماع حول قضايا التمويل العالمي. وسوف يواصل الاجتماع المقبل، المقرر انعقاده في منتصف عام 2025 في إسبانيا، التقدم الذي جرى إحرازه سابقا في مونتيري (2002) والدوحة (2008) وأديس أبابا (2015)، وتجري الاستعدادات الآن بالفعل مع إطلاق وثيقتين مرجعيتين رئيسيتين. وفي حين ستكون "مسودة الوثيقة" الأساس للمفاوضات، فسوف ينظر المندوبون أيضا في مجموعة من المقترحات التي قدمتها لجنة خبراء دولية كان لي شرف تنسيقها. يعكس الأمران الطموح إلى البناء على خطة عمل أديس أبابا.
يتلخص الهدف الرئيسي من هذه العملية في دعم استراتيجيات النمو في البلدان النامية. وقد شددت لجنة الخبراء على ضرورة استعادة وتعزيز الدور التحويلي الذي تضطلع به الدولة، وهي تصورها على أنها محرك رئيسي للتنمية والتحول البنيوي. وهذا يعني التأكيد على نوعية وكمية الموارد المحشودة، والاستعاضة عن أجندة تركز على المشاريع القصيرة الأجل بأخرى موجهة نحو أهداف طويلة الأجل محددة بشكل جماعي. وتستدعي كل مهمة تعزيز النظام المتعدد الأطراف المستضعف حاليا وإنشاء منصات إقليمية جديدة.
تتمثل مشكلة حاسمة هنا في مديونية القطاع العام المفرطة التي تؤثر على ما يقرب من ثلث البلدان النامية، في حين تواجه بلدان أخرى عديدة مستويات ديون وتكاليف فائدة مرتفعة. تنبع هذه المشكلة من الاختلالات المالية الكبيرة أثناء جائحة كوفيد-19 وارتفاع أسعار الفائدة في السنوات الأخيرة. وتتطلب معالجتها أداة طموحة لإعادة التفاوض في الأمد القريب، والتي يمكن أن تستند إلى إطار مجموعة العشرين المشترك لعام 2020 لمعاملات الديون. ومع ذلك، يجب أن تكون عملية إعادة التفاوض هذه المرة أسرع، ومن الأهمية بمكان توسيع نطاق الوصول ليشمل البلدان المتوسطة الدخل. في الأمد البعيد، نحتاج إلى آلية دائمة لإعادة هيكلة الديون السيادية، والتي يمكن أن يكون مقرها إما في الأمم المتحدة أو صندوق النقد الدولي، شريطة أن تظل في الحالة الأخيرة مستقلة عن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي.
من الأهداف العاجلة الأخرى إعادة تنشيط تمويل التنمية. فنحن في احتياج إلى ما يقدر بنحو 4 تريليونات دولار إضافية سنويا لتمويل أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ويتطلب حشد هذه الموارد تكريس مساعدات التنمية الرسمية على النطاق الذي التزمت به البلدان المرتفعة الدخل قبل عقود مضت: "0.7% من الدخل الوطني الإجمالي للبلدان النامية و0.15-0.20% من الدخل الوطني الإجمالي للبلدان الأقل نموا". وقد فشلت معظم البلدان المتقدمة في تحقيق هذه الأهداف، وفي السنوات الأخيرة، انخفضت فعليا الأموال الموجهة إلى البلدان المنخفضة الدخل.
تتمثل أولوية ثانية في هذا المجال في زيادة التمويل المتاح من جانب بنوك التنمية المتعددة الأطراف ودعم توسيع أنشطة بنوك التنمية الوطنية (أو إنشاء مثل هذه المؤسسات في البلدان النامية التي تفتقر إليها). ويجب أن تشمل هذه الجهود تقديم مزيد من التمويل بالعملات المحلية للتخفيف من مخاطر تصاعد الديون بسبب خفض أسعار الصرف، ودعم تطوير أسواق السندات المحلية في هذه البلدان. وإلى جانب الإقراض التقليدي، ينبغي لهذه المؤسسات أيضا دعم جهود البلدان النامية لتوفير المنافع العامة الدولية مثل التأهب للجوائح الـمَـرَضية والوقاية منها، والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، وحماية التنوع البيولوجي.
إن زيادة التمويل المستدام بيئيا أمر بالغ الأهمية. وفي حين وافقت مؤتمرات الأطراف الأخيرة بشأن تغير المناخ والتنوع البيولوجي على زيادة التمويل، فإن أهدافها لا تزال غير كافية. وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص الآن مع تزايد خسائر التنوع البيولوجي وتجاوز الانحباس الحراري الكوكبي بالفعل عتبة 1.5 درجة مئوية التي حددتها اتفاقية باريس للمناخ. في هذه المجالات، وفي تمويل التنمية في عموم الأمر، ينبغي حشد قدر أكبر من المشاركة من جانب القطاع الخاص في هذه المجالات، وفي تمويل التنمية بشكل عام، بمساعدة ائتمانات للاستثمارات البيئية أو الآليات التكميلية مثل ضمانات القروض من بنوك التنمية.
Introductory Offer: Save 30% on PS Digital
Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.
Subscribe Now
يشكل بناء قواعد ضريبية تصاعدية ملائمة وكافية ضرورة أساسية أيضا. فنحن في احتياج إلى منع الشركات المتعددة الجنسيات من تحويل أرباحها إلى مناطق الاختصاص حيث الضرائب المنخفضة والملاذات الضريبية، وضمان دفع الضرائب الكافية من جانب الأثرياء. يتطلب أول هذه الأهداف اعتماد مبدأ "الوجود الاقتصادي الكبير"، والذي بموجبه تدفع الشركات المتعددة الجنسيات حصة عادلة من الضرائب في كل البلدان حيث تزاول أعمالها، بما في ذلك من خلال الخدمات العابرة للحدود. أما في التعامل مع الأفراد من الأغنياء، فإن وجود سجل عالمي للأصول على أساس الملكية النافعة يشكل ضرورة أساسية.
الواقع أن اتفاقية الأمم المتحدة الضريبية التي يجري التفاوض بشأنها حاليا من الممكن أن تعزز التعاون الدولي الذي تحتاج إليه هذه الجهود. لكننا سنحتاج أيضا إلى مؤسسة تنسيقية، والتي يمكن إنشاؤها من خلال تحويل لجنة الخبراء الحالية التابعة للأمم المتحدة إلى جهاز حكومي دولي.
لدعم البلدان النامية، ينبغي تحسين التسهيلات الائتمانية التي يقدمها صندوق النقد الدولي، ومراجعة شروطها. لكننا نحتاج أيضا إلى أداتين جديدتين للصندوق: مرفق دولي للمقايضة وصندوق قادر على التدخل في الأسواق الدولية التي تتداول سندات البلدان الناشئة والنامية خلال فترات الهبوط. وينبغي استكمال هذه التغييرات بإصدار حقوق السحب الخاصة (حقوق السحب الخاصة الأصول الاحتياطية التي يصدرها صندوق النقد الدولي) بشكل أكثر تواترا وفي توقيت استراتيجي مناسب، مع تدفق الأموال إلى آليات مختلفة (بما في ذلك تلك داخل بنوك التنمية المتعددة الأطراف) لتمويل الأهداف الإنمائية أو البيئية مع الحفاظ على طابعها كأصول احتياطية.
من الناحية المؤسسية، تتمثل الأولوية الأكثر إلحاحا في تعزيز الترتيبات النقدية الإقليمية في العالم النامي. ويأمل المرء أن يؤدي هذا إلى نشوء نظام أكثر كثافة من المؤسسات العالمية والإقليمية، على غرار ما نجده في بنوك التنمية المتعددة الأطراف.
في مجال التجارة، تتمثل القضايا الحاسمة في الحاجة إلى التمسك بالالتزامات الجمركية القائمة في إطار منظمة التجارة العالمية، والتفاوض على اتفاق جديد لوضع حدود للسياسات الصناعية، ولكن مع معاملة خاصة وتفضيلية للبلدان النامية. من الأهمية بمكان أيضا إدراج استثناءات لحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتكنولوجيات الصحية والبيئية. ولضمان العدالة في عمل أسواق السلع الأساسية، يتعين علينا أن نشجع زيادة استخدام المخزونات الاحتياطية الدولية والوطنية.
مسألة واحدة لم تتطرق إليها مؤتمرات تمويل التنمية السابقة، هي مسألة التنظيم المالي الدولي. ومع ذلك، تنتمي مسائل مهمة عديدة إلى جدول أعمال هذا العام، بما في ذلك كيفية تصميم أو تعزيز تنظيم الأصول المالية الرقمية، ووكالات التصنيف الائتماني الدولية، وأسواق السلع الآجلة الدولية. ومن المستحسن أيضا إبرام اتفاقية استثمار عالمية جديدة، وينبغي إعادة النظر في اتفاقيات حماية الاستثمار القائمة لتجنب المطالبات ضد الفقرات الوطنية التي تحمي المعايير الاجتماعية والبيئية.
أخيرا، تستأهل إصلاحات مؤسسية عديدة الاهتمام. فبالإضافة إلى إنشاء مؤسسات ملائمة لإدارة إعادة التفاوض على الديون السيادية، والإشراف على التعاون الضريبي الدولي، وتعزيز التعاون المالي الدولي، يتعين على العالم أن يستجيب للمطلب الذي دأب العالم النامي لفترة طويلة على المناداة به، بالحصول على "صوت ومشاركة" أكبر في مؤسسات بريتون وودز. وهذا يعني إنشاء عملية توزيع عادلة لحصص رأس المال، وزيادة الأصوات الأساسية لصالح هذه الدول، وإنشاء عمليات أكثر انفتاحا وشمولا لاختيار قيادات كل هيئة.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali