james198_Michael M. SantiagoGetty Images)_ftx Michael M. Santiago/Getty Images

نختلقها، نصنعها، ثم نخسرها

برينستون ــ لم يكن انهيار بورصة العملات الرقمية المشفرة FTX، وصعود ثم سقوط مؤسسها سام بانكمان فرايد على نحو مذهل، سوى الواقعة الأحدث التي تلخص مخاطر الإبداع المالي. في هذه المرحلة، كان من المفترض أن تتمكن الهيئات التنظيمية، والمؤسسات المالية، والمستثمرين، بسهولة من كشف مخطط احتيالي واضح على طريقة بونزي. لماذا إذن يتعين علينا أن نتعلم ذات الدرس العسير مرارا وتكرارا؟

خلافا للاعتقاد الشائع، لا تعكس الجاذبية الدائمة التي تتمتع بها مخططات بونزي الاحتيالية الجشع والسذاجة فحسب، بل تعكس أيضا حقيقة بسيطة مفادها أن الابتكارات القيمة، مثلها كمثل هذه المخططات، تعتمد أيضا على تأثير كرة الثلج. الواقع أن "الخوف من تفويت الفرصة" يمكن استغلاله من قِـبَـل المحتالين الذين يتلاعبون بهذا الخوف لتحقيق مكاسب شخصية. لكنه يدفع أيضا بالعديد من التطورات المفيدة التي من غير الممكن أن تنجح إلا إذا اشترك فيها عدد كاف من الأشخاص. لهذا السبب يتبنى العديد من رواد الأعمال مثل بانكمان فرايد فلسفة "اختلقها إلى أن تتقنها". المشكلة تبدأ غالبا عندما يتحول هذا النهج إلى "اختلقها إلى أن تحصل عليها".

يعتبر أقدم مُـنشئ موثق لمخطط بونزي، الذي عاش قبل 200 عام من ظهور المحتال الذي أعطى لهذا المخطط الاحتيالي اسمه، رائدا للنظرية النقدية. في أوائل القرن الثامن عشر، عمل المغامر والاقتصادي الأسكتلندي جون لو على تحويل النظام المالي الفرنسي بتجربة فريدة وكارثية في نهاية المطاف مع العُـملة، والتي انهارت في أزمة تضخمية في صيف عام 1720. في ذلك الوقت، كانت فرنسا غارقة في الديون، وكان جون لو يسعى إلى تحفيز الاقتصاد من خلال الاستعاضة عن كل العملات المعدنية بنقود ورقية. زعم جون لو أن نُـدرة الذهب والفضة كانت السبب وراء محنة فرنسا الاقتصادية، ونجح في الضغط على الحكومة لسحبهما من التداول.

https://prosyn.org/uHz2VXyar