من الواضح أن الانحباس الحراري الكوكبي جار بوتيرة أسرع من المتوقع، وأن العالم بحاجة إلى سحب مكابح الطوارئ لوقف الحرارة المتزايدة الارتفاع. بوسع الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما قوتين عظميين عالميتين، العمل معا لدفع عجلة التغيير، وقد عقدا مؤخرا اجتماعا رفيع المستوى لمناقشة الفرص المتاحة للحد من الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري الكوكبي. مع استمرار هذه المحادثات قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2024 (مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين) وحتى عام 2025، فإنها يجب أن تركز على التعامل مع أزمة المناخ التي باتت حاضرة بالفعل. وتتطلب معالجتها زيادة الجهود للتخفيف من انبعاثات الملَوِّثات الشديدة، والتي هي المسؤولة عن أكثر من نصف تغير المناخ.
الملوثات الشديدة، أو على وجه التحديد عوامل الانحباس الحراري مثل غاز الميثان، وأكسيد النيتروز، وأوزون التروبوسفير، والهيدروفلوروكربونات، أقوى بعشرات أو مئات أو حتى آلاف المرات من ثاني أكسيد الكربون لكل طن. الميثان، على سبيل المثال، غاز مسبب للانحباس الحراري الكوكبي أقوى بنحو 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون على مدى فترة 20 عاما ويساهم في ضباب الأوزون الدخاني. لكنه يظل محمولا في الغلاف الجوي لنحو عقد من الزمن فقط، في حين قد يدوم ثاني أكسيد الكربون لقرون من الزمن. وهذا يعني أن الحد من انبعاثات الميثان أسرع وأكثر الطرق فعالية لمكافحة تغير المناخ وتحسين جودة الهواء.
الهواء الأنظف مهم بشكل خاص للمجتمعات التي تعيش أو تعمل بالقرب من مزارع الماشية، والبنية الأساسية للنفط والغاز، ومكبات النفايات، وغير ذلك من مصادر التلوث. لقد أصبح تدهور جودة الهواء مشكلة صحية عامة مُـلِـحّـة، وخفض مستويات الميثان في الغلاف الجوي من شأنه أن يخفض معدلات الوفاة والربو، ويقلل من شدة حرائق الغابات، والفيضانات، والأعاصير، وغير ذلك من أحداث الطقس القاسية.
الخبر السار هو أن طرق خفض انبعاثات الميثان بنسب تصل إلى 45% متوفرة بالفعل، وهذا كفيل بخفض الانحباس الحراري بمقدار 0.3 من الدرجة المئوية بحلول عام 2040، وتعزيز أمن الطاقة والغذاء، ووضع العالم على مسار نحو مستقبل أوفر صحة. بالإضافة إلى الدعم الشعبي العريض للتدخل الحكومي لمعالجة انبعاثات الميثان، يتوفر أيضا إجماع عالمي على الحاجة إلى معالجة غازات الانحباس الحراري الكوكبي غير ثاني أكسيد الكربون. حتى يومنا هذا، وَقَّـعَـت 158 دولة على تعهد الميثان العالمي الذي يقضي بخفض الانبعاثات بنسبة 30% بحلول عام 2030. وفي مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي العام الماضي، وافقت البلدان على تقديم أهداف مُـحَـدَّثة لخفض الانبعاثات بحلول عام 2035، والمعروفة بمسمى المساهمات المحددة وطنيا، والتي تشمل كامل الاقتصاد، وتغطي جميع غازات الانحباس الحراري الكوكبي، وتتماشى مع هدف الحد من الانحباس الحراري الكوكبي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية.
من غير الممكن أن يأتي الاهتمام العالمي المتزايد بغازات الانحباس الحراري غير ثاني أكسيد الكربون في وقت أفضل، حيث من المقرر أن يجري تحديث المساهمات المحددة وطنيا في فبراير/شباط 2025. وفي حين تحتوي المساهمات المحددة وطنيا الحالية على أهداف حقيقية لخفض ثاني أكسيد الكربون، فإنها تفتقر غالبا إلى أهداف ملموسة وقابلة للقياس لخفض الملوثات الشديدة. يتعين على البلدان أن تدرك أن هذا النهج لا يعالج بشكل كامل مكافحة تغير المناخ وأن ترفع طموحاتها وفقا لذلك. إن الأهداف القوية لعام 2035 لخفض الانبعاثات من غاز الميثان والملوثات الشديدة الأخرى ضرورية لتحقيق مستوى الصِـفر الصافي من انبعاثات غازات الانحباس الحراري بحلول عام 2050، وهي كفيلة بالحد من التغيرات الكوكبية التي لا رجعة فيها.
At a time when democracy is under threat, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided. Subscribe now and save $50 on a new subscription.
Subscribe Now
كان من الصعب تاريخيا تتبع الميثان، وهذا يجعل من الصعب تضمين أهداف محددة في المساهمات المحددة وطنيا. ولكن الآن، بعد معالجة فجوات التمويل والتكنولوجيا الحرجة، تعمل الأقمار الصناعية المخصصة للكشف عن الميثان على تحسين عمليات جمع البيانات. فقد ساعدت برامج الأقمار الصناعية التي أُطـلِـقَـت بعد التحديث السابق للمساهمات المحددة وطنيا، بما في ذلك MethaneSAT، وCarbon Mapper، وWasteMAP، السلطات المحلية في تحديد مصادر الانبعاثات ومعالجتها. ونظرا لهذه التطورات، لا يوجد عذر لتقديم مساهمات محددة وطنيا تفتقر إلى أهداف خفض الميثان.
بوسع الصين والولايات المتحدة البناء على الالتزامات المناخية التي تعهدتا بها في بيان Sunnylands العام الماضي من خلال تضمين أهداف قوية في التعامل مع الملوثات الشديدة في مساهماتهما المحددة وطنيا المحدثة. وقد أعربت الحكومة الصينية بالفعل عن نيتها القيام بذلك، في حين أبدت الولايات المتحدة استعدادها لتنفيذ سياسات مناخية طموحة، بما في ذلك دعم البحوث المرتبطة بابتكارات الحد من الانبعاثات.
يتعين على العالم أن يتحد للحد من الملوثات الشديدة والإيذان بقدوم عصر جديد من الهواء الأنظف، والإنتاج الغذائي الـمُـحَـسَّـن، وأمن الطاقة الأعظم. الواقع أن عامة الناس يدعمون بأغلبية ساحقة قياس وتخفيف انبعاثات غاز الميثان عبر مختلف القطاعات، وقد حان الوقت الآن لكي تُـنـصِـت الحكومات إليهم. تتمثل خطوة أولى مناسبة في قيام الولايات المتحدة والصين بتحديد أهداف يمكن قياسها كَـمّـيا في التعامل مع الغازات غير ثاني أكسيد الكربون في مساهماتهما المحددة وطنيا المعدلة وتشجيع بلدان أخرى تُـطّـلِـق كميات ضخمة من غاز الميثان على القيام بالمثل.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
At the end of a year of domestic and international upheaval, Project Syndicate commentators share their favorite books from the past 12 months. Covering a wide array of genres and disciplines, this year’s picks provide fresh perspectives on the defining challenges of our time and how to confront them.
ask Project Syndicate contributors to select the books that resonated with them the most over the past year.
سانتياجو/بوسطنــ مع اقتراب الصيف في نصف الكرة الأرضية الشمالي من نهايته، تحطمت مئات الأرقام القياسية لدرجات الحرارة، ومن المحتمل بنسبة 95% تقريبا أن يتفوق عام 2024 على عام 2023 باعتباره العام الأكثر سخونة منذ بدء القياسات. لكن ملايين الأشخاص لا يحتاجون إلى بيانات لإخبارهم بذلك ــ فهم يعيشون في خضم الأمر. في عام 2023، عانت الولايات المتحدة من 28 كارثة مرتبطة بالمناخ تسببت كل منها في أضرار لا تقل عن مليار دولار، في حين شهدت الصين موجات حر شديدة وفيضانات مدمرة، فضلا عن إعصار تسبب في نزوح أكثر من 120 ألف شخص في بكين.
من الواضح أن الانحباس الحراري الكوكبي جار بوتيرة أسرع من المتوقع، وأن العالم بحاجة إلى سحب مكابح الطوارئ لوقف الحرارة المتزايدة الارتفاع. بوسع الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما قوتين عظميين عالميتين، العمل معا لدفع عجلة التغيير، وقد عقدا مؤخرا اجتماعا رفيع المستوى لمناقشة الفرص المتاحة للحد من الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري الكوكبي. مع استمرار هذه المحادثات قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2024 (مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين) وحتى عام 2025، فإنها يجب أن تركز على التعامل مع أزمة المناخ التي باتت حاضرة بالفعل. وتتطلب معالجتها زيادة الجهود للتخفيف من انبعاثات الملَوِّثات الشديدة، والتي هي المسؤولة عن أكثر من نصف تغير المناخ.
الملوثات الشديدة، أو على وجه التحديد عوامل الانحباس الحراري مثل غاز الميثان، وأكسيد النيتروز، وأوزون التروبوسفير، والهيدروفلوروكربونات، أقوى بعشرات أو مئات أو حتى آلاف المرات من ثاني أكسيد الكربون لكل طن. الميثان، على سبيل المثال، غاز مسبب للانحباس الحراري الكوكبي أقوى بنحو 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون على مدى فترة 20 عاما ويساهم في ضباب الأوزون الدخاني. لكنه يظل محمولا في الغلاف الجوي لنحو عقد من الزمن فقط، في حين قد يدوم ثاني أكسيد الكربون لقرون من الزمن. وهذا يعني أن الحد من انبعاثات الميثان أسرع وأكثر الطرق فعالية لمكافحة تغير المناخ وتحسين جودة الهواء.
الهواء الأنظف مهم بشكل خاص للمجتمعات التي تعيش أو تعمل بالقرب من مزارع الماشية، والبنية الأساسية للنفط والغاز، ومكبات النفايات، وغير ذلك من مصادر التلوث. لقد أصبح تدهور جودة الهواء مشكلة صحية عامة مُـلِـحّـة، وخفض مستويات الميثان في الغلاف الجوي من شأنه أن يخفض معدلات الوفاة والربو، ويقلل من شدة حرائق الغابات، والفيضانات، والأعاصير، وغير ذلك من أحداث الطقس القاسية.
الخبر السار هو أن طرق خفض انبعاثات الميثان بنسب تصل إلى 45% متوفرة بالفعل، وهذا كفيل بخفض الانحباس الحراري بمقدار 0.3 من الدرجة المئوية بحلول عام 2040، وتعزيز أمن الطاقة والغذاء، ووضع العالم على مسار نحو مستقبل أوفر صحة. بالإضافة إلى الدعم الشعبي العريض للتدخل الحكومي لمعالجة انبعاثات الميثان، يتوفر أيضا إجماع عالمي على الحاجة إلى معالجة غازات الانحباس الحراري الكوكبي غير ثاني أكسيد الكربون. حتى يومنا هذا، وَقَّـعَـت 158 دولة على تعهد الميثان العالمي الذي يقضي بخفض الانبعاثات بنسبة 30% بحلول عام 2030. وفي مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي العام الماضي، وافقت البلدان على تقديم أهداف مُـحَـدَّثة لخفض الانبعاثات بحلول عام 2035، والمعروفة بمسمى المساهمات المحددة وطنيا، والتي تشمل كامل الاقتصاد، وتغطي جميع غازات الانحباس الحراري الكوكبي، وتتماشى مع هدف الحد من الانحباس الحراري الكوكبي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية.
من غير الممكن أن يأتي الاهتمام العالمي المتزايد بغازات الانحباس الحراري غير ثاني أكسيد الكربون في وقت أفضل، حيث من المقرر أن يجري تحديث المساهمات المحددة وطنيا في فبراير/شباط 2025. وفي حين تحتوي المساهمات المحددة وطنيا الحالية على أهداف حقيقية لخفض ثاني أكسيد الكربون، فإنها تفتقر غالبا إلى أهداف ملموسة وقابلة للقياس لخفض الملوثات الشديدة. يتعين على البلدان أن تدرك أن هذا النهج لا يعالج بشكل كامل مكافحة تغير المناخ وأن ترفع طموحاتها وفقا لذلك. إن الأهداف القوية لعام 2035 لخفض الانبعاثات من غاز الميثان والملوثات الشديدة الأخرى ضرورية لتحقيق مستوى الصِـفر الصافي من انبعاثات غازات الانحباس الحراري بحلول عام 2050، وهي كفيلة بالحد من التغيرات الكوكبية التي لا رجعة فيها.
HOLIDAY SALE: PS for less than $0.7 per week
At a time when democracy is under threat, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided. Subscribe now and save $50 on a new subscription.
Subscribe Now
كان من الصعب تاريخيا تتبع الميثان، وهذا يجعل من الصعب تضمين أهداف محددة في المساهمات المحددة وطنيا. ولكن الآن، بعد معالجة فجوات التمويل والتكنولوجيا الحرجة، تعمل الأقمار الصناعية المخصصة للكشف عن الميثان على تحسين عمليات جمع البيانات. فقد ساعدت برامج الأقمار الصناعية التي أُطـلِـقَـت بعد التحديث السابق للمساهمات المحددة وطنيا، بما في ذلك MethaneSAT، وCarbon Mapper، وWasteMAP، السلطات المحلية في تحديد مصادر الانبعاثات ومعالجتها. ونظرا لهذه التطورات، لا يوجد عذر لتقديم مساهمات محددة وطنيا تفتقر إلى أهداف خفض الميثان.
بوسع الصين والولايات المتحدة البناء على الالتزامات المناخية التي تعهدتا بها في بيان Sunnylands العام الماضي من خلال تضمين أهداف قوية في التعامل مع الملوثات الشديدة في مساهماتهما المحددة وطنيا المحدثة. وقد أعربت الحكومة الصينية بالفعل عن نيتها القيام بذلك، في حين أبدت الولايات المتحدة استعدادها لتنفيذ سياسات مناخية طموحة، بما في ذلك دعم البحوث المرتبطة بابتكارات الحد من الانبعاثات.
يتعين على العالم أن يتحد للحد من الملوثات الشديدة والإيذان بقدوم عصر جديد من الهواء الأنظف، والإنتاج الغذائي الـمُـحَـسَّـن، وأمن الطاقة الأعظم. الواقع أن عامة الناس يدعمون بأغلبية ساحقة قياس وتخفيف انبعاثات غاز الميثان عبر مختلف القطاعات، وقد حان الوقت الآن لكي تُـنـصِـت الحكومات إليهم. تتمثل خطوة أولى مناسبة في قيام الولايات المتحدة والصين بتحديد أهداف يمكن قياسها كَـمّـيا في التعامل مع الغازات غير ثاني أكسيد الكربون في مساهماتهما المحددة وطنيا المعدلة وتشجيع بلدان أخرى تُـطّـلِـق كميات ضخمة من غاز الميثان على القيام بالمثل.
ترجمة: مايسة كامل Translated by: Maysa Kamel