جنيف ــ بعد مرور أكثر من ستة أشهر منذ أتيحت أولى لقاحات مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، يجب أن يكون من الواضح للجميع أن اللقاحات وحدها لن توقف هذه الجائحة؛ فنحن في احتياج أيضا إلى تسليم اللقاحات للناس من خلال التطعيم. أن أي تأخير في القدرة على الوصول إلى اللقاح من شأنه أن يطيل أمد الأزمة التي خلفت بالفعل أثرا هائلا على حياة البشر، وسبل معايشهم، وعلى اقتصادات بأكملها.
الواقع أن حتى أولئك الأكثر عُـرضة لمخاطر عالية مرتبطة بكوفيد-19 لم يتلقوا الحماية الكاملة بعد. وتوضح هذه الحقيقة في حد ذاتها مدى تعقيد التحدي المتمثل في زيادة إنتاج اللقاحات وتطعيم مليارات من البشر. لكن الجائحة تسلط الضوء أيضا على الكفاح الدائم القائم منذ أمد بعيد ضد الأمراض المعدية التي تهدد مئات الملايين من الناس كل يوم.
في الأغلب الأعم، هناك خيط رفيع يمنع مسببات الأمراض من الانتشار بكثافة بين البشر. وعندما نتجاوز هذا الخيط، يصبح من الممكن أن تتحول فاشية مَـرَضية محلية صغيرة بسهولة شديدة إلى أزمة عالمية بسرعة فائقة. ولأن التطعيم يكون غالبا الطريقة الوحيدة لمنع هذا، فنحن في احتياج شديد إلى مراجعة الطريقة التي ننظر بها إلى برامج التحصين العالمية.
نشر المناعة
قبل اندلاع جائحة كوفيد-19، كان صناع السياسات ينظرون إلى حملات التلقيح العالمية من خلال عدسة التنمية الدولية والممارسات الإنسانية الطويلة الأمد، ويمولونها وفقا لذلك. لكن بينما نتصارع مع الأزمة الحالية ونستعد للجائحة القادمة، بات من الواضح أن هذا النهج لم يعد منطقيا ولا مفهوما. إن الصحة العالمية والأمن الصحي العالمي غاية واحدة، ويجب أن تكون أولوية وطنية في كل مكان.
في كل عام، يتلقى عشرات الملايين من الأطفال في البلدان المنخفضة الدخل التطعيم ضد مجموعة واسعة من الأمراض المعدية القاتلة. للوهلة الأولى، تسعى برامج التحصين الروتينية هذه إلى تحقيق هدف واحد صريح ومباشر: منع الفاشيات الـمَـرَضية التي كانت تبتلي العالم ذات يوم، لكنها الآن تؤثر في الأغلب الأعم على الناس في البلدان الأكثر فقرا. وكانت هذه البرامج ناجحة بدرجة غير عادية، حيث أفضت إلى تقليص الأمراض التي يمكن منعها باللقاحات بنحو 70%، ومنع ما يصل إلى 80 مليون وفاة في 98 دولة منخفضة الدخل خلال الفترة بين عام 2000 وتفشي جائحة كوفيد-19.
Secure your copy of PS Quarterly: The Year Ahead 2025
Our annual flagship magazine, PS Quarterly: The Year Ahead 2025, has arrived. To gain digital access to all of the magazine’s content, and receive your print copy, subscribe to PS Digital Plus now.
Subscribe Now
ولكن على الرغم من أن الإبقاء على العالم مكانا آمنا يشكل جزءا مهما من الأمن الصحي العالمي، فإن قيمة التطعيم تتجاوز ذلك كثيرا. بادئ ذي بدء، تضطلع برامج التحصين الروتينية حاليا بدور مركزي في نشر لقاحات كوفيد-19 على مستوى العالم، وهو أمر ضروري لمنع انهيار الأنظمة الصحية وإنهاء المرحلة الحادة من الوباء. في البلدان الأدنى دخلا، يشكل توفر ذات البنية الأساسية، وسلاسل التوريد، والموظفين المدربين، وأنظمة البيانات، وسبل المراقبة المستخدمة في هذه البرامج المنتظمة، العمود الفقري لعمليات توزيع لقاحات كوفيد-19.
يدرك المجتمع الدولي بوضوح الدور الحيوي الذي تضطلع به برامج تصنيع اللقاحات والتطعيم أثناء هذه الجائحة. ويتجلى هذا بوضوح في الدعم الدولي غير المسبوق لمرفق الوصول العالمي للقاح كوفيد-19 (كوفاكس COVAX)، الشراكة التي أنشأها التحالف من أجل إبداعات التأهب للأوبئة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة اليونيسيف، والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي)، لضمان الوصول العادل للقاح. كما يتلقى عمل جافي الأساسي لمساعدة البلدان على تطعيم نصف أطفال العالم من خلال التحصين الروتيني دعما عالميا سخيا. لكن منع الجائحة التالية يستلزم إدراك الدور الأوسع الذي يلعبه التطعيم.
إن برامج التحصين الروتينية لا تساعد في منع تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها وحسب، بل وتخدم أيضا كخط دفاع أول حاسم ضد الأمراض المعدية الجديدة والناشئة، بما في ذلك تلك التي لا يوجد لها لقاح بعد. وهذا لأن حملات التطعيم المنتظمة في البلدان الأقل دخلا تعمل على تعزيز الرعاية الصحية الأولية، وتحسين مراقبة الأمراض في هذه العملية. الواقع أن شبكات المراقبة العالمية الحالية للأمراض المعدية قد تكون مليئة بالثغرات، على الرغم من الجهود المبذولة لتحسينها منذ اندلعت جائحة كوفيد-19. وتتلخص الطريقة الأكثر فعالية والأرخص عادة لسد هذه الثغرات في تحسين القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية.
في نهاية المطاف، تكون الرعاية الصحية الأولية عادة نقطة الاتصال الأولى التي يصل الناس من خلالها إلى الخدمات الطبية والصحية عندما يمرضون. وعلى هذا فكلما ازداد عدد القادرين على الوصول إلى هذه الرعاية، وكلما كان توفيرها أقوى، تصبح قدرتنا على اكتشاف الفاشيات في وقت مبكر أفضل. ولكن لأن الرعاية الصحية الأولية تكون منقوصة غالبا، حتى في البلدان المتوسطة الدخل التي تتمتع بأنظمة رعاية صحية جيدة نسبيا، فإن مجموعات كبيرة من البلدان لا تزال بعيدة عن تحقيق هذه الغاية. ومن منظور الأمن الصحي العالمي، فإن هذه تُـعَـد بعض النقاط العمياء الأكبر التي تعيب أنظمتنا.
ما يدعو إلى التفاؤل أن التوسع في برامج التحصين الروتينية يساعد في معالجة هذه المشكلة، لأن ذات البنية الأساسية التي تدعم حملات التطعيم تساعد أيضا في تحسين القدرة على الوصول إلى تدخلات وخدمات صحية أخرى حيوية، مثل المكملات الغذائية، والتخلص من الديدان، والوقاية من الملاريا، ومراقبة الأمراض التي تشكل أهمية حاسمة. لهذا، كلما وصلنا إلى ما يسمى "طفل الجرعة صِـفر" ــ الطفل الذي فاته حتى تلقي اللقاحات الأساسية ــ يحصل هؤلاء الأطفال وآباؤهم ومجتمعاتهم على القدرة على الوصول إلى رعاية صحية أولية أفضل، ويتحسن نظام الإنذار المبكر العالمي من الفاشيات الـمَـرَضية بعض الشيء أيضا.
القدرة على الصمود في المستقبل
في غضون الأشهر القليلة الأولى من هذه الجائحة، عانى نحو 85% من البلدان الأدنى دخلا من ارتباك برامج التحصين الروتينية. وبمرور كل يوم، مع افتقار المزيد من الناس إلى التطعيمات، يتزايد خطر تفشي أمراض أخرى يمكن الوقاية منها. وبدعم من تحالف جافي وشركاء آخرين في تحالف اللقاحات، تتعافى العديد من هذه البرامج بشكل معقول الآن. ولكن لبناء القدرة على الصمود، يتعين علينا أن نعمل على إعادتها جميعها إلى المسار الصحيح وجعلها أكثر فاعلية من أي وقت مضى.
في ذات الوقت، لا زلنا في احتياج إلى إنهاء الجائحة الحالية. هذا لا يعني ضمان حماية المزيد من الناس بلقاحات كوفيد-19 وحسب، بل وأيضا تحقيق أقصى قدر من الاستفادة من الجرعات المتاحة، حتى يتسنى إعطاء الأولوية للفئات المعرضة لمخاطر عالية في كل مكان. لتحقيق هذه الغاية، تعمل شراكة كوفاكس مع الحكومات المانحة والشركات المصنعة لاستنباط كيفية التبرع بالجرعات الفائضة للبلدان الأقل دخلا التي تحتاج إليها، وكيف يمكن نشر اللقاحات الحالية والجديدة التي لا تزال قيد التطوير على أفضل وجه، بما في ذلك التصدي للأشكال المتغيرة من فيروس كورونا. كما يشكل العلاج والتشخيص، فضلا عن تدخلات غير صيدلانية أخرى، أهمية أساسية.
لكن المهمة الحاسمة المتمثلة في ضمان عدم إغفال أي شخص في البلدان الأكثر فقرا ستشمل أيضا الاعتماد بشكل كبير على التخطيط الحريص للتفاصيل الدقيقة والذي تستعين به برامج التحصين الروتينية لتطعيم السكان الذين يصعب الوصول إليهم. والوصول إلى العدد الكافي من الناس لمنع انتشار كوفيد-19 من الممكن أن يساعد بدوره في توسيع نطاق التحصين الروتيني، والذي من شأنه أن يعمل على تعزيز القدرة على الصمود وتحسين التأهب للجائحات في المستقبل.
أظهرت الجائحة الحالية بالفعل الصلة الجوهرية بين الصحة والثروة، وليس فقط في ما يتصل بالآثار الاقتصادية المباشرة. وحتى لو تمكنت دولة واحدة من تطعيم سكانها بالكامل ضد كوفيد-19، فما دام فيروس كورونا منتشرا، ستظهر أشكال متحورة جديدة، وتستمر عودة العدوى، وتتوقف جهود استئناف التجارة، والسفر، والمعاملات التجارية.
بهذا المعنى، كشفت الجائحة أيضا عن حقيقة مفادها أن الصحة العالمية الأفضل وتحسن الأمن الصحي العالمي وجهان لعملة واحدة. إنها العملة التي يجب أن تكون مقبولة في جميع البلدان.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
جنيف ــ بعد مرور أكثر من ستة أشهر منذ أتيحت أولى لقاحات مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، يجب أن يكون من الواضح للجميع أن اللقاحات وحدها لن توقف هذه الجائحة؛ فنحن في احتياج أيضا إلى تسليم اللقاحات للناس من خلال التطعيم. أن أي تأخير في القدرة على الوصول إلى اللقاح من شأنه أن يطيل أمد الأزمة التي خلفت بالفعل أثرا هائلا على حياة البشر، وسبل معايشهم، وعلى اقتصادات بأكملها.
الواقع أن حتى أولئك الأكثر عُـرضة لمخاطر عالية مرتبطة بكوفيد-19 لم يتلقوا الحماية الكاملة بعد. وتوضح هذه الحقيقة في حد ذاتها مدى تعقيد التحدي المتمثل في زيادة إنتاج اللقاحات وتطعيم مليارات من البشر. لكن الجائحة تسلط الضوء أيضا على الكفاح الدائم القائم منذ أمد بعيد ضد الأمراض المعدية التي تهدد مئات الملايين من الناس كل يوم.
في الأغلب الأعم، هناك خيط رفيع يمنع مسببات الأمراض من الانتشار بكثافة بين البشر. وعندما نتجاوز هذا الخيط، يصبح من الممكن أن تتحول فاشية مَـرَضية محلية صغيرة بسهولة شديدة إلى أزمة عالمية بسرعة فائقة. ولأن التطعيم يكون غالبا الطريقة الوحيدة لمنع هذا، فنحن في احتياج شديد إلى مراجعة الطريقة التي ننظر بها إلى برامج التحصين العالمية.
نشر المناعة
قبل اندلاع جائحة كوفيد-19، كان صناع السياسات ينظرون إلى حملات التلقيح العالمية من خلال عدسة التنمية الدولية والممارسات الإنسانية الطويلة الأمد، ويمولونها وفقا لذلك. لكن بينما نتصارع مع الأزمة الحالية ونستعد للجائحة القادمة، بات من الواضح أن هذا النهج لم يعد منطقيا ولا مفهوما. إن الصحة العالمية والأمن الصحي العالمي غاية واحدة، ويجب أن تكون أولوية وطنية في كل مكان.
في كل عام، يتلقى عشرات الملايين من الأطفال في البلدان المنخفضة الدخل التطعيم ضد مجموعة واسعة من الأمراض المعدية القاتلة. للوهلة الأولى، تسعى برامج التحصين الروتينية هذه إلى تحقيق هدف واحد صريح ومباشر: منع الفاشيات الـمَـرَضية التي كانت تبتلي العالم ذات يوم، لكنها الآن تؤثر في الأغلب الأعم على الناس في البلدان الأكثر فقرا. وكانت هذه البرامج ناجحة بدرجة غير عادية، حيث أفضت إلى تقليص الأمراض التي يمكن منعها باللقاحات بنحو 70%، ومنع ما يصل إلى 80 مليون وفاة في 98 دولة منخفضة الدخل خلال الفترة بين عام 2000 وتفشي جائحة كوفيد-19.
Secure your copy of PS Quarterly: The Year Ahead 2025
Our annual flagship magazine, PS Quarterly: The Year Ahead 2025, has arrived. To gain digital access to all of the magazine’s content, and receive your print copy, subscribe to PS Digital Plus now.
Subscribe Now
ولكن على الرغم من أن الإبقاء على العالم مكانا آمنا يشكل جزءا مهما من الأمن الصحي العالمي، فإن قيمة التطعيم تتجاوز ذلك كثيرا. بادئ ذي بدء، تضطلع برامج التحصين الروتينية حاليا بدور مركزي في نشر لقاحات كوفيد-19 على مستوى العالم، وهو أمر ضروري لمنع انهيار الأنظمة الصحية وإنهاء المرحلة الحادة من الوباء. في البلدان الأدنى دخلا، يشكل توفر ذات البنية الأساسية، وسلاسل التوريد، والموظفين المدربين، وأنظمة البيانات، وسبل المراقبة المستخدمة في هذه البرامج المنتظمة، العمود الفقري لعمليات توزيع لقاحات كوفيد-19.
يدرك المجتمع الدولي بوضوح الدور الحيوي الذي تضطلع به برامج تصنيع اللقاحات والتطعيم أثناء هذه الجائحة. ويتجلى هذا بوضوح في الدعم الدولي غير المسبوق لمرفق الوصول العالمي للقاح كوفيد-19 (كوفاكس COVAX)، الشراكة التي أنشأها التحالف من أجل إبداعات التأهب للأوبئة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة اليونيسيف، والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي)، لضمان الوصول العادل للقاح. كما يتلقى عمل جافي الأساسي لمساعدة البلدان على تطعيم نصف أطفال العالم من خلال التحصين الروتيني دعما عالميا سخيا. لكن منع الجائحة التالية يستلزم إدراك الدور الأوسع الذي يلعبه التطعيم.
إن برامج التحصين الروتينية لا تساعد في منع تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها وحسب، بل وتخدم أيضا كخط دفاع أول حاسم ضد الأمراض المعدية الجديدة والناشئة، بما في ذلك تلك التي لا يوجد لها لقاح بعد. وهذا لأن حملات التطعيم المنتظمة في البلدان الأقل دخلا تعمل على تعزيز الرعاية الصحية الأولية، وتحسين مراقبة الأمراض في هذه العملية. الواقع أن شبكات المراقبة العالمية الحالية للأمراض المعدية قد تكون مليئة بالثغرات، على الرغم من الجهود المبذولة لتحسينها منذ اندلعت جائحة كوفيد-19. وتتلخص الطريقة الأكثر فعالية والأرخص عادة لسد هذه الثغرات في تحسين القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية.
في نهاية المطاف، تكون الرعاية الصحية الأولية عادة نقطة الاتصال الأولى التي يصل الناس من خلالها إلى الخدمات الطبية والصحية عندما يمرضون. وعلى هذا فكلما ازداد عدد القادرين على الوصول إلى هذه الرعاية، وكلما كان توفيرها أقوى، تصبح قدرتنا على اكتشاف الفاشيات في وقت مبكر أفضل. ولكن لأن الرعاية الصحية الأولية تكون منقوصة غالبا، حتى في البلدان المتوسطة الدخل التي تتمتع بأنظمة رعاية صحية جيدة نسبيا، فإن مجموعات كبيرة من البلدان لا تزال بعيدة عن تحقيق هذه الغاية. ومن منظور الأمن الصحي العالمي، فإن هذه تُـعَـد بعض النقاط العمياء الأكبر التي تعيب أنظمتنا.
ما يدعو إلى التفاؤل أن التوسع في برامج التحصين الروتينية يساعد في معالجة هذه المشكلة، لأن ذات البنية الأساسية التي تدعم حملات التطعيم تساعد أيضا في تحسين القدرة على الوصول إلى تدخلات وخدمات صحية أخرى حيوية، مثل المكملات الغذائية، والتخلص من الديدان، والوقاية من الملاريا، ومراقبة الأمراض التي تشكل أهمية حاسمة. لهذا، كلما وصلنا إلى ما يسمى "طفل الجرعة صِـفر" ــ الطفل الذي فاته حتى تلقي اللقاحات الأساسية ــ يحصل هؤلاء الأطفال وآباؤهم ومجتمعاتهم على القدرة على الوصول إلى رعاية صحية أولية أفضل، ويتحسن نظام الإنذار المبكر العالمي من الفاشيات الـمَـرَضية بعض الشيء أيضا.
القدرة على الصمود في المستقبل
في غضون الأشهر القليلة الأولى من هذه الجائحة، عانى نحو 85% من البلدان الأدنى دخلا من ارتباك برامج التحصين الروتينية. وبمرور كل يوم، مع افتقار المزيد من الناس إلى التطعيمات، يتزايد خطر تفشي أمراض أخرى يمكن الوقاية منها. وبدعم من تحالف جافي وشركاء آخرين في تحالف اللقاحات، تتعافى العديد من هذه البرامج بشكل معقول الآن. ولكن لبناء القدرة على الصمود، يتعين علينا أن نعمل على إعادتها جميعها إلى المسار الصحيح وجعلها أكثر فاعلية من أي وقت مضى.
في ذات الوقت، لا زلنا في احتياج إلى إنهاء الجائحة الحالية. هذا لا يعني ضمان حماية المزيد من الناس بلقاحات كوفيد-19 وحسب، بل وأيضا تحقيق أقصى قدر من الاستفادة من الجرعات المتاحة، حتى يتسنى إعطاء الأولوية للفئات المعرضة لمخاطر عالية في كل مكان. لتحقيق هذه الغاية، تعمل شراكة كوفاكس مع الحكومات المانحة والشركات المصنعة لاستنباط كيفية التبرع بالجرعات الفائضة للبلدان الأقل دخلا التي تحتاج إليها، وكيف يمكن نشر اللقاحات الحالية والجديدة التي لا تزال قيد التطوير على أفضل وجه، بما في ذلك التصدي للأشكال المتغيرة من فيروس كورونا. كما يشكل العلاج والتشخيص، فضلا عن تدخلات غير صيدلانية أخرى، أهمية أساسية.
لكن المهمة الحاسمة المتمثلة في ضمان عدم إغفال أي شخص في البلدان الأكثر فقرا ستشمل أيضا الاعتماد بشكل كبير على التخطيط الحريص للتفاصيل الدقيقة والذي تستعين به برامج التحصين الروتينية لتطعيم السكان الذين يصعب الوصول إليهم. والوصول إلى العدد الكافي من الناس لمنع انتشار كوفيد-19 من الممكن أن يساعد بدوره في توسيع نطاق التحصين الروتيني، والذي من شأنه أن يعمل على تعزيز القدرة على الصمود وتحسين التأهب للجائحات في المستقبل.
أظهرت الجائحة الحالية بالفعل الصلة الجوهرية بين الصحة والثروة، وليس فقط في ما يتصل بالآثار الاقتصادية المباشرة. وحتى لو تمكنت دولة واحدة من تطعيم سكانها بالكامل ضد كوفيد-19، فما دام فيروس كورونا منتشرا، ستظهر أشكال متحورة جديدة، وتستمر عودة العدوى، وتتوقف جهود استئناف التجارة، والسفر، والمعاملات التجارية.
بهذا المعنى، كشفت الجائحة أيضا عن حقيقة مفادها أن الصحة العالمية الأفضل وتحسن الأمن الصحي العالمي وجهان لعملة واحدة. إنها العملة التي يجب أن تكون مقبولة في جميع البلدان.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali