girard5_icolas Villalobospicture alliance via Getty Images_abortion activist Nicolas Villalobos/picture alliance via Getty Images

ماذا يحدث لحقوق المرأة في عام 2020؟

نيويورك- تعيش النساء أوقاتا عصيبة هذه الأيام، إذ يسعى الجمهوريون الأمريكيون جاهدين، لجعل المحكمة العليا تسقط قرار "رو ضد ويد"، وهو قانون صدر عام 1973، ليقر بحق المرأة في الإجهاض، وفي بولندا، تزداد القيود المفروضة على الوصول إلى وسائل منع الحمل في الحالات الطارئة، بالإضافة إلى حملة القمع التي تفرضها البرازيل على التثقيف في مجال الصحة الجنسية. ولكن إذا أثبتت الحركة النسوية العالمية أي شيء على مر السنين، فهو كونها استطاعت التغلب على المقاومة القوية، من أجل الدفاع عن حقوق الفئات المهمشة. وستفعل ذلك مرة أخرى في عام 2020.

إن التحدي هائل. والنتيجة الطبيعية الحتمية للسلطوية، والقومية العرقية، وكراهية الأجانب، التي يعتمدها الزعماء السياسيون في العديد من البلدان- لا سيما في البرازيل، والمجر، والهند، وتركيا، والولايات المتحدة- هي إدامة المعايير الجنسانية الرجعية.

ويقول قادة "الرجل القوي"، مثل جايير بولسونارو في البرازيل، و فيكتور أوربان في المجر، و ناريندرا مودي في الهند، أن النساء ولدن ليكن زوجات وأمهات؛ وأن المهاجرين، والأقليات العرقية، والدينية، والإثنية، يشكلون خطرا، وهم دونيون؛ والأشخاص المثليون يستحقون النبذ، أو الاحتجاز، بل يستحقون الموت. وشجع هؤلاء القادة الأشخاص الذين يشاركونهم آرائهم على التمييز، وشن هجمات عنيفة ضد الأقليات العرقية، أو غيرها من الأقليات، والمهاجرين، والنساء، والفئات المهمشة الأخرى.

وعن طريق تدابير لا سيما القيود المفروضة على الإجهاض، ووسائل منع الحمل، وإلغاء حماية أفراد مجتمع الميم وغيرهم من ذوي الميولات الجنسية المختلفة، سعى هؤلاء القادة إلى السيطرة على أجساد الناس، وحياتهم الجنسية والإنجابية، ومعاقبة أولئك الذين يتحدون معتقداتهم التي عفا عليها الزمن. وعلى سبيل المثال، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فور دخوله البيت الأبيض "قاعدة المنع العالمية"، والتي أصبحت، بسبب منع المساعدات الأمريكية لأي منظمة دولية توفر رعاية الإجهاض، أو تشير إليه، أو تدعو إليه، مميتة للنساء.

ومع ذلك، بصفتي رئيسة للائتلاف الدولي لصحة المرأة، ومدافعة عن حقوق المرأة منذ فترة طويلة، رأيت ما الذي يمكن أن تفعله الحركة النسائية

لنأخذ على سبيل المثال نضال المدافعين عن حقوق النساء في الأرجنتين، ضد قوانين الإجهاض المقيدة للغاية. منذ عشرين سنة، رفض الدبلوماسيون الأرجنتينيون في الأمم المتحدة، حتى الاعتراف بالصحة الجنسية، أو الحقوق الإنجابية. ولكن في عام 2005، أطلقت الناشطات الأرجنتينيات في مجال حقوق المرأة، الحملة الوطنية للحق في الإجهاض القانوني، والآمن، والحر، وبدأت معركة شاقة ضد خصوم أقوياء.

Introductory Offer: Save 30% on PS Digital
PS_Digital_1333x1000_Intro-Offer1

Introductory Offer: Save 30% on PS Digital

Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.

Subscribe Now

وفي عام 2018، خرج مئات الآلاف من النشطاء إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، وكانوا يرتدون مناديل خضراء، (أصبحت الآن رمزًا عالميًا للنضال من أجل حقوق الإجهاض)، للمطالبة بأن يقر مجلس الشيوخ بمشروع قانون يجيز الإجهاض. لقد خسروا، لكن بفارق ضئيل فقط- وهي نتيجة كانت ستبدو مستحيلة قبل بضعة عقود. واستمروا في النضال. وفي الشهر الماضي، نصبت الأرجنتين ألبرتو فرنانديز رئيسًا للبلاد، وتعهد هذا الأخير بإضفاء الشرعية على الإجهاض.

إن تحقيق التغيير الاجتماعي لحماية الفئات المهمشة ليس بالأمر السهل. إذ لا توجد انتصارات سريعة على المعارضة الضعيفة. ولكن، كما أثبتت المدافعات عن النساء مرارًا وتكرارًا، بالتزام دائم، يمكن أن تبدو التغييرات، التي بدت مستحيلة ذات يوم، حتمية في وقت لاحق.

وفي العام الماضي فقط، كانت هناك أمثلة عديدة على هذه التغييرات. إذ ألغت ولاية أواكساكا المكسيكية، وولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية تجريم الإجهاض، على غرار أيرلندا الشمالية، في حين حررت دول أخرى قوانينها، مما أدى إلى توسيع الظروف التي تمكن المرأة من الوصول إلى خدمات الإجهاض القانونية الآمنة. إذ في أبريل / نيسان، أسقطت المحكمة العليا في كوريا الجنوبية قرارا يعتبر قانون الإجهاض في البلاد غير دستوري، مما مهد الطريق نحو إلغاء التجريم هذا العام.

وإلى جانب الإجهاض، شرعت كل من النمسا، والإكوادور، وإيرلندا الشمالية، وتايوان، في تشريع زواج المثليين في عام 2019. وفضلا عن ذلك، وفي تحول مثير للسلطة السياسية، انتخبت فنلندا سانا مارين، البالغة من العمر 34 عامًا، رئيسة للوزراء. وتقود النساء الآن جميع الأحزاب السياسية الخمسة، التي تضم الائتلاف الحاكم في البلاد، وأربعة منهن دون سن الأربعين.

ويلتزم المدافعون عن حقوق المرأة بجعل عام 2020، على الأقل، عامًا مهمًا في الكفاح العالمي من أجل المساواة، ليس للنساء والفتيات فحسب، بل لجميع الناس. إذ في الهند، على سبيل المثال، تقود النساء احتجاجات ضد قانون المواطنة الجديد، الذي يميز ضد المسلمين.

والملهم بشكل خاص هي الناشطات الشابات وغير الثنائيات، اللائي يقدن الحركات من أجل التغيير التحويلي. فعلى سبيل المثال، تطالب إيما غونزاليس بإصلاح الأسلحة في الولايات المتحدة؛ وتدافع بيرثا زونيغا عن حقوق الأرض للسكان الأصليين في هندوراس؛ وبرز جيمي مارغولين، وغريتا ثونبرغ، من خلال دورهما الرائد في مجال المناخ.

ويصادف هذا العام الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لإعلان ومنهاج عمل بيجين للأمم المتحدة، اللذين يعترفان بحقوق المرأة على أنها حقوق إنسانية، ويضعان المساواة بين الجنسين في جدول الأعمال العالمي. ومنذ إنشاء المنهاج، استخدمه النشطاء لإلزام الحكومات بالتزاماتها بشأن مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك وفيات الأمهات، وزواج الأطفال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والمشاركة السياسية، والحقوق الإنجابية.

وستواصل الناشطات في مجال حقوق المرأة هذا العمل في منتدى بيجين+ 25 للمساواة بين الجنسين، الذي تعقده المكسيك وفرنسا، في مكسيكو سيتي، في مايو، وفي باريس في يوليو. وهناك، سوف يطالبن بالتزامات جديدة، وجريئة لمواجهة التحديات الشاملة لعدة مجالات، مثل تغير المناخ، وأزمة اللاجئين.

إن هذا المنظور الأوسع نطاقا ضروري. وفي الواقع، يجب على الناشطات في مجال حقوق المرأة، تقوية تحالفاتهن مع الحركات التقدمية الأخرى، خاصة تلك التي تناضل من أجل الاستدامة البيئية، والعدالة العرقية، وحقوق مجتمع الميم، وغيرهم من ذوي الميولات الجنسية المختلفة. ولا يمكننا التغلب على قوة تفَوُّق العرق الأبيض، غير المتجانسة، والمبنية على السلطة الأبوية، والاستغلالية لبناء عالم أكثر عدلاً وإنصافا، واستدامة، إلا من خلال التعبئة الجماعية، ودعم جداول أعمال بعضنا البعض.

وستشَكَّل آثار هذه الجهود من خلال القرارات التي يتخذها المواطنون، وواضعو السياسات. وستكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني ذات أهمية خاصة. وأيا كانت العواقب، للولايات المتحدة تأثير كبير على كيفية معالجة بقية العالم لقضايا معينة، بما فيها العمل المناخي، والمساعدات الأجنبية، والدبلوماسية، وحقوق الإنسان.

وإذا خسر ترامب الانتخابات، يمكن للولايات المتحدة أن تكون مرة أخرى نموذجا إيجابياً، عن طريق إحياء التعاون المتعدد الأطراف، وتجديد الدعم لوكالات الأمم المتحدة التي تعمل في مجال الصحة وحقوق الإنسان، وضمان شغل المناصب الحكومية والقضائية الرئيسية، مرة أخرى، من قبل أفراد مؤهلين، يدعمون حقوق الإنسان، وحكم القانون. ولكن، مهما حدث، هناك شيء واحد مؤكد: لن تستسلم الحركة النسائية وحلفاؤها التقدميون.

ترجمة:    نعيمة أبروش   Translated by Naaima Abarouch

https://prosyn.org/T0ZSezsar