Woman in China using a laptop in restaurant. Justin Kiner/Flickr

نضوج القطاع المالي على الإنترنت في الصين

بيجين – لقد كشف القادة الصينيون في الشهر الماضي عنتفاصيل الخطة الخمسية الثالثة عشرة والتي سوف تحدد مسار الاقتصاد حتى سنة 2020 . لقد ولت إلى غير رجعة التوجيهات بزيادة الإنتاج الصناعي بوتيرة متسارعة والتي ميزت الخطط الخمسية الماضية والآن فإن التركيز هو على تحقيق نمو مستدام طويل المدى يرتكز على الاستهلاك المحلي وقطاع خدمات أقوى بالإضافة الىريادة الأعمال والإبتكار.

سوف يلعب الإنترنت والذي لديه فعليا أكثر من 680 مليون مستخدم نشط في الصين دورا مهما في تسهيل هذا التحول وعلى وجه الخصوص فإن الإقراض بين النظراء وهو عبارة عن نهج مبسط لتخصيص الائتمان يمكن أن يكون المفتاح لتوسعة وتعميق القطاع المالي الصيني مما سيمكن الشركات من النمو والإبتكار بالاضافة الى تعزيز الاستهلاك المحلي.

بالنسبة للإقراض بين النظراء على الانترنت فإن المستثمرين الأفراد (ومؤخرا المؤسسات الإستثمارية) يقومون بإقراض المقترضين الأفراد بدون الحاجة الى وسيط مالي. إن القروض يمكن أن تتراوح بين 100 يوان صيني (16 دولار امريكي) الى مليون يوان صيني وأن تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم بالإضافة الى المقترضين الافراد الذين يصارعون حاليا من أجل الحصول على الإئتمان من خلال المؤسسات التقليدية.

خلال السنوات الثلاث الماضية كان قطاع الإقراض بين النظراء في الصين ينمو بشكل سنوي بمعدل مذهل يصل إلى 245% حيث وصلت قيمته الإجمالية الى 253 يوان صيني في العام الماضي. يوجد في الصين أكثر من 2000 منصة مسجلة ونشطة للإقراض بين النظراء وذلك مقارنة بخمسين فقط قبل  أربعة أعوام .

على الرغم من ذلك فإن الإقراض بين النظراء ما يزال يشكل جزءا بسيطا فقط من الإقراض الإجمالي في الصين وفي العام الماضي فإن إجمالي القروض من خلال شبكات النظراء كانت تعادل 1،5 % فقط من 15،1 تريليون يوان صيني من القروض الإستهلاكية من البنوك الصينية مما يعني إن من الواضح انه ما يزال هناك مجال كبير للنمو.

لكن يجب إدارة هذا النمو بعناية فالعوامل التي تمكن منصات الإقراض بين النظراء من العمل من أجل تقديم القروض بسرعة وبشكل أوسع  أي إعتمادها على ائتمان المستهلك وقواعد بيانات التقييم وتجنب الضمانات يمكن أن تنطوي على المخاطر حيث انها تترك اسئلة مهمة عن المقترضين بدون إجابة.

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription
PS_Sales_Winter_1333x1000 AI

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription

At a time of escalating global turmoil, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided.

Subscribe to Digital or Digital Plus now to secure your discount.

Subscribe Now

وفي واقع الأمر فإن المخاطر قد بدأت تحصل فعليا فطبقا لقاعدة البيانات الخاصة بالإقراض بين النظراء وانجدايزاهيجي من 2011 الى منتصف 2015 فإن أكثر من ثلث المنصات المسجلة في الصين قد شهدت مشاكل خطيرة فعلى سبيل المثال أشار المستثمرون الى وجود مصاعب في سحب الأموال في أكثر من 300 منصة وهرب مشغلو المنصات وفي جعبتهم أموال المستثمرين في 300 منصة أخرى وبالنسبة للصناعة بشكل عام فإنه ما يزال من الصعوبة بمكان الحصول على بيانات كاملة وعالية الجودة بسهولة.

لكن لحسن الحظ فإن بالإمكان التغلب على أوجه القصور تلك فالجهات التنظيمية والممولون على الانترنت يمكن ان يتعلموا من إقراض البنوك التقليدية للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم بينما يقومون بصياغة إجراءات جديدة من أجل التقليل من المخاطرة في قطاع الإقراض بين النظراء.

لقد قمت مع فريق من الباحثين في دراسة لبيانات القروض من خمسة بنوك صينية بتحديد خمسة عوامل تؤثر في نشوء القروض المتعثرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم والمستهلكين ولقد كان بعضا منها واضحة الى حد ما : القروض ونسب الرفع المالي المرتفعة تساهم في المعدلات المرتفعة من القروض المتعثرة. أما تأثير العوامل الأخرى مثل وجود الضمانات والإقراض الى الشركات الصغيرة (عوضا عن ملاك الشركات )والإقراض الى مقترضين متواجدين في إماكن بعيدة فكان أقل .

إن الدروس واضحة : يتوجب على المؤسسات أن تستهدف منح عدد أكبر من القروض الصغيرة للإفراد المحليين مع الإعتماد الأقل على الضمانات . تحتاج منصات الإقراض للمساهمة في هذا النهج إلى قنوات أفضل لتبادل البيانات المتعلقة بالائتمان والمديونيات كما يتوجب عليهم بناء أنظمة للتحقق من الهوية . إن هذا سوف يتطلب تنسيقا بين الحكومة والقطاع الخاص بالإضافة إلى شبكات متخصصة لتبادل المعلومات.

يجب تحسين الأنظمة واللوائح الحالية في العديد من المجالات أيضا فعلى سبيل المثال جميع منصات الإقراض بين النظراء على الإنترنت بغض النظر عن نطاق عملها تحتاج إلى التسجيل لدى الجهات التنظيمية كما يتوجب عليها أيضا تلقي التدريب من جمعية مهنية ضمن القطاع بهدف منع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب .

لكن بشكل عام فإن عمل مجموعة كبيرة من الأنظمة واللوائح لا يعتبر ضروريا ويجب تجنبه حيث أن المخاطر النظامية التي يشكلها الإقراض بين النظراء للإقتصاد بشكل عام هي مخاطر قليلة وعوضا عن ذلك يتوجب على الجهات التنظيمية تبني منهجا مرنا.

إن وجود نظام ترخيص بمستويات مختلفة على سبيل المثال سوف يكون الخيار الأمثل في معالجة الدرجات المختلفة للتعقيد المالي والمخاطرة بين المنصات المالية وبموجب هذا السيناريو فإن المنصات التي تعمل كوسطاء معلومات بين المقترضين والمقرضين ولكنها غير مشتركة مباشرة في تعاملات القروض سوف تكون معفيه عمليا من جميع الانظمة واللوائح والأحكام الإشرافية حيث أنها تشكل أقل قدر من المخاطرة .

إن المنصات التي تعرض تسهيلات الإيداع والقروض الأساسية يجب تصنيفها كبنوك والتي تتضمن معاملاتها الإئتمان والسيولة ومخاطر التداول مما يجعلها تستوجب مراقبة حصيفة بالاضافة إلى اجراءات مثل متطلبات رؤوس الأموال القائمة على المخاطر ولكن مهما يكن من أمر فإن من الأهمية بمكان أن لا نثقل كاهل تلك الشركات بمتطلبات معقدة وعلى مستوى عال فيما يتعلق بكفاية رأس المال مما سوف يعيق من مرونتها العملياتية.

إخيرا ، يتوجب مراقبة المنصات التي تنطوي نماذج الأعمال لديها على درجات أعلى من التعقيدات المالية بعناية من اجل التحقق من عدم وجود أية إساءة للادارة حيث أن تلك المنصات هي الاكثر احتمالية للانخراط في تداول الملكية بدون خبرة كافية أو أن تعرض تقديم عوائد مضمونة بدون تقييم ومراقبة مناسبة للمخاطر وبالطبع فإن الترابط المالي يتطلب تنسيق دولي يتعلق بالمقاييس المناسبة للصناعة.

إن الإقراض بين النظراء ينطوي على المخاطر ولكن لو تم التعامل معه بشكل صحيح فإن مما لا شك فيه ان القطاع سوف يستمر في النمو وذلك بفضل اولئك الذين تم تجاهل إحتياجاتهم التمويلية من قبل البنوك التقليدية. إن هذا سوف يساعد في تأمين دور رئيسي للقطاع في الإقتصاد الصيني.

https://prosyn.org/9wY4obZar