buchholz21_getty images_us china Getty Images

الصفقة التي ينبغي لترمب أن يعرضها على الصين

سان دييجوــ كان أباطرة الصين يتولون السلطة بـ"تفويض من السماء"، لكن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يحظى بميزة أفضل: سيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب. وعلى هذا فإن شِـبه الإمبراطور الصيني شي جين بينج لديه سبب وجيه للقلق. فقد تعهد ترمب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على الواردات من الصين، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المكونات الصينية التي تتسلل إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك.

ولكن إذا كان ترمب راغبا في مساعدة المستهلكين الأميركيين والشركات الأميركية، فهناك طريقة أفضل. فبدلا من فرض تعريفات جمركية ضخمة، ينبغي له أن يطلب من الصين أن تمزق حيازاتها الضخمة من الديون الأميركية. يحتفظ بنك الشعب الصيني (جنبا إلى جنب مع هونج كونج) بأكثر من تريليون دولار أميركي من سندات الخزانة الأميركية، وإلغاء هذا الدين من شأنه أن يعوض جزئيا عن تلاعب الصين بالعملة وانتهاكاتها التجارية.

كيف تمكنت دولة فقيرة من تكديس دوين أميركية أكثر من تلك لدى المملكة المتحدة، التي كانت تستحوذ على السندات الأميركية منذ كان ألكسندر هاملتون وزيرا للخزانة؟ لقد فعلت ذلك من خلال توليد فوائض تجارية هائلة.

على مدار السنوات العشر الأخيرة، بلغ متوسط ​​العجز التجاري السلعي الأميركي السنوي مع الصين 524 مليار دولار، في حين انخفضت القيمة الدولارية للرنمينبي بنسبة 16%. لمنع عملتها من الارتفاع، تشتري الصين السندات الأمريكية. ولكن تذكر أن جزءا من هذه الدولارات تدفق إلى الصين على وجه التحديد لأن السلطات الصينية أبقت على قيمة الرنمينبي منخفضة وجعلت من الصعب على الشركات الأمريكية العمل في الصين دون نهب ملكيتها الفكرية.

ورغم أنه سيكون من الصعب جعل خبراء الاقتصاد يتفقون على العلاقة الإحصائية الدقيقة بين سعر الصرف والصادرات، فإن ترمب لن يناقض البحوث السائدة إذا أكد أن الرنمينبي مقدر بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة متواضعة تبلغ 15%. (يشير مؤشر "بيج ماك" التابع لمجلة الإيكونيميست إلى 37%، وهذا أعلى بعض الشيء من تقديرات التحالف من أجل أمريكا المزدهرة، وهي مجموعة من الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها).

الواقع أن إعادة التقييم بنسبة 15% ربما تكون كفيلة بمحو 90 مليار دولار من العجز التجاري السلعي السنوي البالغ 524 مليار دولار. وقد يطالب ترمب ومستشاره التجاري الأميركي (روبرت لايتهايزر المتشدد في الأرجح) ووزير خزانته الصينيين بتقديم بيان بمكاسبهم غير المشروعة وشطب 90 مليار دولار من حيازاتهم من سندات الخزانة الأميركية. أو إذا فضلت الإدارة الجديدة نهجا أقل لطفا، فقد تضرب الطاولة بقوة أكبر وتزعم أن الصينيين مدينون بما لا يقل عن ست سنوات من "المتأخرات"، وهذا يعني تمزيق نصف السندات.

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription
PS_Sales_Winter_1333x1000 AI

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription

At a time of escalating global turmoil, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided.

Subscribe to Digital or Digital Plus now to secure your discount.

Subscribe Now

ولأن المادة الرابعة من التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي تصر على أن صحة الدين العام الأميركي "لا يجوز التشكيك فيها" (ولو أن إنشاء "سقف للديون" في الكونجرس قد يفعل ذلك على أية حال)، فسوف يوضح ترمب ومستشاروه للصين والمستثمرين العالميين أن الولايات المتحدة لا تتنصل من ديونها. وسوف تظل السندات صالحة بنسبة 100% وقابلة للتداول ومدعومة بالثقة الكاملة والائتمان من قِبَل الحكومة الأميركية. وقد تعرض الولايات المتحدة على الصين إمكانية الوصول المفتوح إلى أسواقها في مقابل تعهدات معينة، وهي على وجه التحديد أن تفتح الصين أسواقها، وتمتنع عن القرصنة الفكرية، وتتنازل عن جزء صغير من المكاسب التي حققتها (التي تحتفظ بها في هيئة سندات أمريكية) من خلال التلاعب بالعملة.

إذا فعل ترمب هذا، فبوسعه أن يزعم أنه الوحيد بين رؤساء الولايات المتحدة الذي يضمن التعويضات عن الضربات التكتيكية الاقتصادية التي شنتها الصين على التصنيع الأمريكي. ثانيا، يقترب إجمالي الدين الأمريكي من 120% من الناتج المحلي الإجمالي، وتتجاوز الفائدة على الدين الآن الإنفاق الدفاعي. الأسوأ من ذلك، أن أمريكا تصل إلى هذه المستويات الغادرة في وقت من السلام النسبي والازدهار، مقارنة ببقية العالم. تُـرى ماذا قد يحدث عندما تتغير الظروف؟ ثالثا، من شأن انخفاض طفيف في المعروض من الديون الأمريكية أن يُـبقي على أسعار الفائدة منخفضة هامشيا، على النحو الذي يدعم النمو الاقتصادي بدرجة أكبر.

بطبيعة الحال، من شأن هذا الاقتراح أن يعزز النظرة الصينية للأميركيين على أنهم متوحشون عند البوابة. ولكن لا شك أن مستشاري شي التجاريين عاكفون بالفعل على إعداد العروض ــ مثل شراء أشباه الموصلات الأميركية، أو طائرات البوينج، أو كل براعم فول الصويا في نورث داكوتا.

علاوة على ذلك، إذا سخر الصينيون من هذا الاقتراح، فبوسع ترمب أن يقدم خيارا احتياطيا مقنعا. من الممكن أن يخبر شي أنه بدلا من محو 90 مليار دولار من السندات تماما، يمكن تسليم السندات إلى وزارة الخزانة الأميركية، التي سترسل بعد ذلك إلى بكين سندات بنية أساسية بقيمة 45 مليار دولار بدون قسيمة. وهذا من شأنه أن يطلق العنان لحملة ترمب التي طال انتظارها لإعادة بناء الطرق والجسور والمطارات في أميركا.

إذا أراد ترمب أن يكون ماكرا بشكل خاص، فيمكنه أن يخصص 15 مليار دولار لبناء جداره على حدود الولايات المتحدة الجنوبية. وسوف تصرخ الصين إلى أن يصل صوتها إلى عنان السماء، ولكن من الذي قد يستمع؟ فسوف يكون الشعب الأميركي قال كلمته.

ترجمة: إبراهيم محمد علي        Translated by: Ibrahim M. Ali

https://prosyn.org/bR4G2dqar