شيكاغو ــ كان أسبوعا عصيبا مَـرَّ على الحرية الأكاديمية في الولايات المتحدة. فقد عمل حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس على شغل مقاعد مجلس إدارة كلية الفنون الحرة بحلفاء عازمين على تحويلها إلى معقل إيديولوجي محافظ. كما حُـرِمَ رئيس منظمة حقوق الإنسان "هيومن رايتس واتش" (Human Rights Watch) السابق كينيث روث من زمالة كلية كينيدي في جامعة هارفارد، بزعم أن هيومن رايتس واتش انتقدت سجل إسرائيل في مجال حقوق الإنسان. وتعرضت جامعة هاملين في مينيسوتا لانتقادات شديدة بعد طرد أستاذة مساعدة لأنها عَـرَضَت صورة عمرها قرون للنبي محمد في أحد فصول تاريخ الفن.
لتعزيز مهمتها الأساسية المتمثلة في توليد المعرفة ونقلها، تعتمد مؤسسات التعليم العالي على الأموال المستمدة من ثلاثة مصادر رئيسية. الدولة، والسوق، وطلابها وخريجيها. المفتاح هو الحفاظ على التوازن بين المصادر الثلاثة؛ فالإفراط في الاعتماد على أي منها يشكل تهديدا واضحا للبحث الأكاديمي.
لنبدأ بالدولة، وتاريخها الطويل في تقييد الحرية الأكاديمية. أثناء الذعر الأحمر في الولايات المتحدة في أعقاب حربين عالميتين، كان أعضاء هيئة التدريس يُـطـرَدون من المؤسسات لمجرد معتقداتهم الإيديولوجية. ورغم أن استهداف أعضاء هيئة التدريس صراحة أصبح نادرا اليوم، فإن الاعتماد المستمر على التمويل الحكومي يعني أن الجامعات ــ وخاصة المؤسسات العامة ــ تظل عُـرضة للمحاولات التي يبذلها الساسة للتأثير على الميزانيات، والمناهج، وقرارات الموظفين، وغير ذلك الكثير.
يتصور الجمهوريون أن هذه قضية سياسية رابحة. فهم يزعمون أن المؤسسات التعليمية، وخاصة الجامعات، بؤر للتلقين الليبرالي. على سبيل المثال، في خطاب ألقاه في عام 2021 بعنوان "الجامعات هي العدو"، زعم السناتور الأميركي المقبل جيه. دي، فانس أن الجامعات لا تسعى إلى "المعرفة والحقيقة" بل تنشر "الخداع والأكاذيب" ووصف الكيلة التي تخرج فيها (كلية الحقوق في جامعة ييل) بأنها "استبدادية أصيلة" في عداوتها للآراء المحافظة.
ولكن بدلا من حماية الحرية الأكاديمية، سعى الجمهوريون إلى منع انتشار الأفكار التي يخالفونها. كان ديسانتيس رائدا في الجهود الرامية إلى حظر الدروس "المسببة للخلاف والشقاق" حول الـعِـرق، بعد حالة الذعر الأخلاقي بشأن "النظرية العِـرقية النقدية" في المدارس. وفي العام الفائت، وَقَّـع بالتصديق على قانون "أوقفوا الظلم الواقع على أطفالنا وموظفينا"، الذي حظر تدريس مواد تعتنق، أو تروج، أو تدعم، أو تغرس، أو تفرض، العديد من الأفكار المرتبطة بالـعِـرق، بما في ذلك الرأي القائل بأن التمييز لتحقيق التنوع ممارسة مقبولة. سعى القانون أيضا إلى منع أي شخص من الشعور "بالذنب، أو الأسى، أو أي شكل آخر من أشكال الـكَـدَر" بسبب عِـرقه أو جنسه.
في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أَمَـرَ قاض فيدرالي بإصدار أمر قضائي مؤقت بوقف العمل بالأقسام المتعلقة بالتعليم العالي في قانون "أوقفوا الظلم الواقع على أطفالنا وموظفينا" لأنها تنتهك حق الأساتذة في حرية التعبير بموجب التعديل الأول ــ وهو انتصار للحرية الأكاديمية. لكن ديسانتيس لا يستسلم؛ فهو يسعى الآن إلى تحقيق أهدافه الإيديولوجية بوسائل أخرى. فبتعيين ستة محافظين في مقاعد مجلس إدارتها الثلاثة عشر ــ بما في ذلك عميد من كلية هيلزديل المحافِظة ــ يأمل في تحويل كلية فلوريدا الجديدة إلى "هيلزديل الجنوب".
At a time of escalating global turmoil, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided.
Subscribe to Digital or Digital Plus now to secure your discount.
Subscribe Now
لكن ولاية فلوريدا ليست وحدها في قمع الحرية الأكاديمية. يعمل قادة الجامعات المخضرمون على تثقيف مانحيهم من القطاع الخاص ــ بما في ذلك شركاء الصناعة والمؤسسات الخيرية ــ حول أهمية الامتناع عن التدخل في القرارات الأكاديمية. ولكن ليس هناك من شك في أن ضغوط المانحين من الممكن أن تشكل عملية صنع القرار في أي مؤسسة.
يُـعَـد حرمان روث من الزمالة مثالا واضحا على ذلك. ففي حين لم يقدم مسؤولو الجامعة توضيحا علنيا لقرارهم بعدم الموافقة على منحه الزمالة، يزعم الباحثون أن "تحيز" منظمة هيومن رايتس واتش المناهض لإسرائيل كان الاعتبار الرئيسي. الواقع أن منظمة هيومن رايتس واتش، التي قادها روث لما يقرب من الثلاثين عاما، تلقت ردود فعل قوية من المدافعين عن إسرائيل، بما في ذلك في الاستجابة لتقرير صادر عنها عام 2021 يؤكد على أن "ممارسات الحرمان" التي تزاولها إسرائيل ترقى في بعض المناطق إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية من الفصل العنصري والاضطهاد".
لن يكون روث أول شخص يخسر منصبا جامعيا بسبب إسرائيل. في عام 2020، ألغت جامعة تورونتو عرضا قدمته إلى فالنتينا أزاروفا لإدارة برنامج حقوق الإنسان في كلية الحقوق التابعة لها، في الاستجابة لضغوط المانحين بسبب انتقاداتها السابقة لإسرائيل. وفي النهاية، تلقت الجامعة توبيخا من قِـبَـل الرابطة الكندية لمعلمي الجامعات.
كانت ضغوط المانحين أيضا وراء القرار الذي اتخذه مجلس أمناء جامعة نورث كارولينا برفض توصية صادرة عن قسم الصحافة بتقديم وظيفة للصحافية الاستقصائية نيكول هانا جونز في عام 2021. من الواضح أن المانحين المحافظين اتخذوا منها موقفا بسبب مشاركتها في مشروع 1619، الذي كان مبادرة من صحيفة نيويورك تايمز ركزت على دراسة الإرث السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي خلفته العبودية في الولايات المتحدة.
تساعد الرسوم الدراسية ــ التي زادت بأكثر من الضعف في العقدين الأخيرين ــ في تقليل اعتماد الجامعات على المانحين من القطاعين العام والخاص. لكن الاعتماد المفرط عليها لا يخلو من مخاطر، حيث تعامل الجامعات طلابها على نحو متزايد على أنهم عملاء أو زبائن. وكانت النتيجة الخضوع لمطالبات من جانب الطلاب بعدم تعريضهم لمادة يعتبرونها مسيئة لهم.
لنتأمل هنا الجدال بشأن جامعة هاملين. الواقع أن الأستاذة المساعدة إيريكا لوبيز براتر فعلت كل شيء على الوجه الصحيح، فأصدرت تحذيرا مسبقا في مخطط الدراسة وقدمت السياق قبل عرض تصوير من القرن الرابع عشر الميلادي للنبي محمد ــ وهو تحفة فارسية أحبها المسلمون لفترة طويلة، ولا يرى كثيرون منهم أن كل تمثيل للنبي محمد محرم.
اشتكى الطلاب على أية حال، ووصف "نائب رئيس الجامعة لشؤون التميز الشامل" تصرفات براتر بأنها "نابعة من كراهية الإسلام... بلا منازع". من الواضح أن تشويه سمعة أحد أعضاء هيئة التدريس باسم ضمان شعور كل طالب بأن صوته مسموع أسهل من الدفاع عن قرار تعليمي مشروع بوضوح.
إن عودة قوانين الدولة القمعية تشكل دون أدنى شك تهديدا خطيرا للحرية الأكاديمية. ولكن كما تُـظـهِـر حالتا هارفارد وهاملين، فإن النفوذ المفرط الذي يفرضه المانحون من القطاع الخاص والطلاب لا يقل غدرا. في كل الحالات الثلاث، تسببت مشاعر أقلية مستاءة في تقييد محتوى التعليم العالي. مثل هذه المظالم يجب أن تُـعِـرَض على الملأ وتخضع للمناقشة، وبطبيعة الحال لا يجوز التسامح مع التهديدات الموجهة ضد أقليات أبدا. ولكن إذا أغلقنا الباب في وجه الخطاب الأكاديمي والحوار داخل الحرم الجامعي كلما شعر شخص ما بالإساءة، فكيف يتسنى للجامعات أن تدرس الموضوعات المثيرة للجدال؟ في غياب الحرية الفكرية ــ أحد أعظم إنجازات الحضارة الأميركية ــ لن يتسنى لها ذلك بكل تأكيد.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
Ukraine’s immense industrial and human resources once helped make the Soviet Union a global power, and Russian President Vladimir Putin is counting on them to achieve his neo-imperialist dream. With the US now behaving like a Kremlin proxy, supporting Ukraine has become an existential imperative for Europe.
warn that abandoning the country could hand Vladimir Putin the opportunity to restore Russia’s imperial status.
Donald Trump and J.D. Vance’s verbal assault on Ukrainian President Volodymyr Zelensky in the Oval Office was shocking but not surprising. As the Trump administration rapidly destroys America's credibility and international standing, Europe must mobilize its ample resources to replace America as a global leader.
says the Trump administration's Oval Office fight with Ukraine's president is a moment that will live in infamy.
شيكاغو ــ كان أسبوعا عصيبا مَـرَّ على الحرية الأكاديمية في الولايات المتحدة. فقد عمل حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس على شغل مقاعد مجلس إدارة كلية الفنون الحرة بحلفاء عازمين على تحويلها إلى معقل إيديولوجي محافظ. كما حُـرِمَ رئيس منظمة حقوق الإنسان "هيومن رايتس واتش" (Human Rights Watch) السابق كينيث روث من زمالة كلية كينيدي في جامعة هارفارد، بزعم أن هيومن رايتس واتش انتقدت سجل إسرائيل في مجال حقوق الإنسان. وتعرضت جامعة هاملين في مينيسوتا لانتقادات شديدة بعد طرد أستاذة مساعدة لأنها عَـرَضَت صورة عمرها قرون للنبي محمد في أحد فصول تاريخ الفن.
لتعزيز مهمتها الأساسية المتمثلة في توليد المعرفة ونقلها، تعتمد مؤسسات التعليم العالي على الأموال المستمدة من ثلاثة مصادر رئيسية. الدولة، والسوق، وطلابها وخريجيها. المفتاح هو الحفاظ على التوازن بين المصادر الثلاثة؛ فالإفراط في الاعتماد على أي منها يشكل تهديدا واضحا للبحث الأكاديمي.
لنبدأ بالدولة، وتاريخها الطويل في تقييد الحرية الأكاديمية. أثناء الذعر الأحمر في الولايات المتحدة في أعقاب حربين عالميتين، كان أعضاء هيئة التدريس يُـطـرَدون من المؤسسات لمجرد معتقداتهم الإيديولوجية. ورغم أن استهداف أعضاء هيئة التدريس صراحة أصبح نادرا اليوم، فإن الاعتماد المستمر على التمويل الحكومي يعني أن الجامعات ــ وخاصة المؤسسات العامة ــ تظل عُـرضة للمحاولات التي يبذلها الساسة للتأثير على الميزانيات، والمناهج، وقرارات الموظفين، وغير ذلك الكثير.
يتصور الجمهوريون أن هذه قضية سياسية رابحة. فهم يزعمون أن المؤسسات التعليمية، وخاصة الجامعات، بؤر للتلقين الليبرالي. على سبيل المثال، في خطاب ألقاه في عام 2021 بعنوان "الجامعات هي العدو"، زعم السناتور الأميركي المقبل جيه. دي، فانس أن الجامعات لا تسعى إلى "المعرفة والحقيقة" بل تنشر "الخداع والأكاذيب" ووصف الكيلة التي تخرج فيها (كلية الحقوق في جامعة ييل) بأنها "استبدادية أصيلة" في عداوتها للآراء المحافظة.
ولكن بدلا من حماية الحرية الأكاديمية، سعى الجمهوريون إلى منع انتشار الأفكار التي يخالفونها. كان ديسانتيس رائدا في الجهود الرامية إلى حظر الدروس "المسببة للخلاف والشقاق" حول الـعِـرق، بعد حالة الذعر الأخلاقي بشأن "النظرية العِـرقية النقدية" في المدارس. وفي العام الفائت، وَقَّـع بالتصديق على قانون "أوقفوا الظلم الواقع على أطفالنا وموظفينا"، الذي حظر تدريس مواد تعتنق، أو تروج، أو تدعم، أو تغرس، أو تفرض، العديد من الأفكار المرتبطة بالـعِـرق، بما في ذلك الرأي القائل بأن التمييز لتحقيق التنوع ممارسة مقبولة. سعى القانون أيضا إلى منع أي شخص من الشعور "بالذنب، أو الأسى، أو أي شكل آخر من أشكال الـكَـدَر" بسبب عِـرقه أو جنسه.
في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أَمَـرَ قاض فيدرالي بإصدار أمر قضائي مؤقت بوقف العمل بالأقسام المتعلقة بالتعليم العالي في قانون "أوقفوا الظلم الواقع على أطفالنا وموظفينا" لأنها تنتهك حق الأساتذة في حرية التعبير بموجب التعديل الأول ــ وهو انتصار للحرية الأكاديمية. لكن ديسانتيس لا يستسلم؛ فهو يسعى الآن إلى تحقيق أهدافه الإيديولوجية بوسائل أخرى. فبتعيين ستة محافظين في مقاعد مجلس إدارتها الثلاثة عشر ــ بما في ذلك عميد من كلية هيلزديل المحافِظة ــ يأمل في تحويل كلية فلوريدا الجديدة إلى "هيلزديل الجنوب".
Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription
At a time of escalating global turmoil, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided.
Subscribe to Digital or Digital Plus now to secure your discount.
Subscribe Now
لكن ولاية فلوريدا ليست وحدها في قمع الحرية الأكاديمية. يعمل قادة الجامعات المخضرمون على تثقيف مانحيهم من القطاع الخاص ــ بما في ذلك شركاء الصناعة والمؤسسات الخيرية ــ حول أهمية الامتناع عن التدخل في القرارات الأكاديمية. ولكن ليس هناك من شك في أن ضغوط المانحين من الممكن أن تشكل عملية صنع القرار في أي مؤسسة.
يُـعَـد حرمان روث من الزمالة مثالا واضحا على ذلك. ففي حين لم يقدم مسؤولو الجامعة توضيحا علنيا لقرارهم بعدم الموافقة على منحه الزمالة، يزعم الباحثون أن "تحيز" منظمة هيومن رايتس واتش المناهض لإسرائيل كان الاعتبار الرئيسي. الواقع أن منظمة هيومن رايتس واتش، التي قادها روث لما يقرب من الثلاثين عاما، تلقت ردود فعل قوية من المدافعين عن إسرائيل، بما في ذلك في الاستجابة لتقرير صادر عنها عام 2021 يؤكد على أن "ممارسات الحرمان" التي تزاولها إسرائيل ترقى في بعض المناطق إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية من الفصل العنصري والاضطهاد".
لن يكون روث أول شخص يخسر منصبا جامعيا بسبب إسرائيل. في عام 2020، ألغت جامعة تورونتو عرضا قدمته إلى فالنتينا أزاروفا لإدارة برنامج حقوق الإنسان في كلية الحقوق التابعة لها، في الاستجابة لضغوط المانحين بسبب انتقاداتها السابقة لإسرائيل. وفي النهاية، تلقت الجامعة توبيخا من قِـبَـل الرابطة الكندية لمعلمي الجامعات.
كانت ضغوط المانحين أيضا وراء القرار الذي اتخذه مجلس أمناء جامعة نورث كارولينا برفض توصية صادرة عن قسم الصحافة بتقديم وظيفة للصحافية الاستقصائية نيكول هانا جونز في عام 2021. من الواضح أن المانحين المحافظين اتخذوا منها موقفا بسبب مشاركتها في مشروع 1619، الذي كان مبادرة من صحيفة نيويورك تايمز ركزت على دراسة الإرث السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي خلفته العبودية في الولايات المتحدة.
تساعد الرسوم الدراسية ــ التي زادت بأكثر من الضعف في العقدين الأخيرين ــ في تقليل اعتماد الجامعات على المانحين من القطاعين العام والخاص. لكن الاعتماد المفرط عليها لا يخلو من مخاطر، حيث تعامل الجامعات طلابها على نحو متزايد على أنهم عملاء أو زبائن. وكانت النتيجة الخضوع لمطالبات من جانب الطلاب بعدم تعريضهم لمادة يعتبرونها مسيئة لهم.
لنتأمل هنا الجدال بشأن جامعة هاملين. الواقع أن الأستاذة المساعدة إيريكا لوبيز براتر فعلت كل شيء على الوجه الصحيح، فأصدرت تحذيرا مسبقا في مخطط الدراسة وقدمت السياق قبل عرض تصوير من القرن الرابع عشر الميلادي للنبي محمد ــ وهو تحفة فارسية أحبها المسلمون لفترة طويلة، ولا يرى كثيرون منهم أن كل تمثيل للنبي محمد محرم.
اشتكى الطلاب على أية حال، ووصف "نائب رئيس الجامعة لشؤون التميز الشامل" تصرفات براتر بأنها "نابعة من كراهية الإسلام... بلا منازع". من الواضح أن تشويه سمعة أحد أعضاء هيئة التدريس باسم ضمان شعور كل طالب بأن صوته مسموع أسهل من الدفاع عن قرار تعليمي مشروع بوضوح.
إن عودة قوانين الدولة القمعية تشكل دون أدنى شك تهديدا خطيرا للحرية الأكاديمية. ولكن كما تُـظـهِـر حالتا هارفارد وهاملين، فإن النفوذ المفرط الذي يفرضه المانحون من القطاع الخاص والطلاب لا يقل غدرا. في كل الحالات الثلاث، تسببت مشاعر أقلية مستاءة في تقييد محتوى التعليم العالي. مثل هذه المظالم يجب أن تُـعِـرَض على الملأ وتخضع للمناقشة، وبطبيعة الحال لا يجوز التسامح مع التهديدات الموجهة ضد أقليات أبدا. ولكن إذا أغلقنا الباب في وجه الخطاب الأكاديمي والحوار داخل الحرم الجامعي كلما شعر شخص ما بالإساءة، فكيف يتسنى للجامعات أن تدرس الموضوعات المثيرة للجدال؟ في غياب الحرية الفكرية ــ أحد أعظم إنجازات الحضارة الأميركية ــ لن يتسنى لها ذلك بكل تأكيد.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali