فيينا ــ في نظر أجيال عديدة من الشباب العربي، ومنها جيلي شخصيا، كانت الدراسة والعمل في الولايات المتحدة فرصة منشودة لتجربة الحريات، والإمكانات، وحِـس المساواة الذي جسده أسلوب الحياة الأميركي. وكانت هذه التجربة خصبة وثرية على نحو مضاعف لأولئك منا الذين نشأوا في مجتمعات استبدادية أو مُـحافِـظـة. كان من المثير أن تجد نفسك قادرا على التفكير والتصرف باستقلالية، دون ضغوط مجتمعية. وكنت متحمسا للعودة إلى الوطن حاملا معي بعض الدروس التي تعلمتها من ديمقراطية عاملة، وخاصة الدور الحيوي الذي تساهم به حرية التعبير، وأهمية المجتمع المدني، والفوائد غير العادية المترتبة على تمكين الناس.
بطبيعة الحال، كنت مدركا أيضا لإخفاقات النظام الأميركي، وخاصة إدامة العنصرية وأشكال التفاوت بين الناس. لا زلت أتذكر قوانين جيم كرو التي فرضت الفصل العنصري في الولايات الكونفدرالية السابقة، واغتيال مارتن لوثر كنج الابن، الذي عبر بوضوح عن أحلام الأميركيين من أصل أفريقي بالمساواة واللياقة الإنسانية. لكني كنت أتمنى لو كان النظام الديمقراطي الأميركي يملك الأدوات التي يحتاج إليها للتصحيح الذاتي. ولا زلت يحدوني الأمل في ضوء ما شهدته من تحولات كبرى في القيم، والقوانين، والعقليات.
أكثر ما صدمني هو كيف أن الولايات المتحدة، الدولة التي تفتخر بحبها للحرية والعدالة، لا تتورع في أغلب الأحيان عن ملاحقة سياسة خارجية مهيمنة وقمعية، من حروبها المروعة في فيتنام والعراق إلى دعمها لحكام طُـغاة متحجري الفؤاد. بصرف النظر عن السبب وراء ذلك، أدى هذا الانفصال بين صورة أميركا الذاتية وسياستها الخارجية إلى تغذية تصور مشوش للولايات المتحدة في العالم العربي وأماكن أخرى. ورغم أن العديد من الشباب العرب أرادوا أن يصبحوا مواطنين أميركيين، فإنهم جميعا تقريبا يبغضون السياسة الخارجية الأميركية.
To continue reading, register now.
Subscribe now for unlimited access to everything PS has to offer.
Richard Haass
explains what caused the Ukraine war, urges the West to scrutinize its economic dependence on China, proposes ways to reverse the dangerous deterioration of democracy in America, and more.
If the US Federal Reserve raises its policy interest rate by as much as is necessary to rein in inflation, it will most likely further depress the market value of the long-duration securities parked on many banks' balance sheets. So be it.
thinks central banks can achieve both, despite the occurrence of a liquidity crisis amid high inflation.
The half-century since the official demise of the Bretton Woods system of fixed exchange rates has shown the benefits of what replaced it. While some may feel nostalgic for the postwar monetary system, its collapse was inevitable, and what looked like failure has given rise to a remarkably resilient regime.
explains why the shift toward exchange-rate flexibility after 1973 was not a policy failure, as many believed.
فيينا ــ في نظر أجيال عديدة من الشباب العربي، ومنها جيلي شخصيا، كانت الدراسة والعمل في الولايات المتحدة فرصة منشودة لتجربة الحريات، والإمكانات، وحِـس المساواة الذي جسده أسلوب الحياة الأميركي. وكانت هذه التجربة خصبة وثرية على نحو مضاعف لأولئك منا الذين نشأوا في مجتمعات استبدادية أو مُـحافِـظـة. كان من المثير أن تجد نفسك قادرا على التفكير والتصرف باستقلالية، دون ضغوط مجتمعية. وكنت متحمسا للعودة إلى الوطن حاملا معي بعض الدروس التي تعلمتها من ديمقراطية عاملة، وخاصة الدور الحيوي الذي تساهم به حرية التعبير، وأهمية المجتمع المدني، والفوائد غير العادية المترتبة على تمكين الناس.
بطبيعة الحال، كنت مدركا أيضا لإخفاقات النظام الأميركي، وخاصة إدامة العنصرية وأشكال التفاوت بين الناس. لا زلت أتذكر قوانين جيم كرو التي فرضت الفصل العنصري في الولايات الكونفدرالية السابقة، واغتيال مارتن لوثر كنج الابن، الذي عبر بوضوح عن أحلام الأميركيين من أصل أفريقي بالمساواة واللياقة الإنسانية. لكني كنت أتمنى لو كان النظام الديمقراطي الأميركي يملك الأدوات التي يحتاج إليها للتصحيح الذاتي. ولا زلت يحدوني الأمل في ضوء ما شهدته من تحولات كبرى في القيم، والقوانين، والعقليات.
أكثر ما صدمني هو كيف أن الولايات المتحدة، الدولة التي تفتخر بحبها للحرية والعدالة، لا تتورع في أغلب الأحيان عن ملاحقة سياسة خارجية مهيمنة وقمعية، من حروبها المروعة في فيتنام والعراق إلى دعمها لحكام طُـغاة متحجري الفؤاد. بصرف النظر عن السبب وراء ذلك، أدى هذا الانفصال بين صورة أميركا الذاتية وسياستها الخارجية إلى تغذية تصور مشوش للولايات المتحدة في العالم العربي وأماكن أخرى. ورغم أن العديد من الشباب العرب أرادوا أن يصبحوا مواطنين أميركيين، فإنهم جميعا تقريبا يبغضون السياسة الخارجية الأميركية.
To continue reading, register now.
Subscribe now for unlimited access to everything PS has to offer.
Subscribe
As a registered user, you can enjoy more PS content every month – for free.
Register
Already have an account? Log in